(خ2) أرسل بعض الإخوة هذه القصة من قبل وهي قصة طويلة أردت بيان بطلانها لانتشارها على وسائل الاتصال الاجتماعي، والقصة تنسب بهتانا لأحد نسخ كتاب “الكبائر”
وتقول:
ومما جاء في فضل الإحسان إلى الأرملة واليتيم عن بعض العلويين وكان نازلا ببلخ من بلاد العجم وله زوجة علوية وله منها بنات وكانوا في سعة ونعمة فمات الزوج وأصاب المرأة وبناتها بعده الفقر والقلة فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء، واتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة ومضت تحتال لهم في القوت فمرت بجمعين جمع على رجل مسلم وهو شيخ البلد وجمع على رجل مجوسي وهو ضامن البلد فبدأت بالمسلم وشرحت حالها له وقالت: أنا امرأة علوية ومعي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة وأريد الليلة قوتهم. فقال لها: أقيمي عندي البينة أنك علوية شريفة. فقالت: أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني. فأعرض عنها فمضت من عنده منكسرة القلب فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها وأخبرته أن معها بنات أيتام وهي امرأة شريفة غريبة وقصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم فقام وأرسل بعض نسائه وأتوا بها وبناتها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام وألبسهن أفخر اللباس وباتوا عنده في نعمة وكرامة، قال: فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت وقد عقد اللواء على رأس النبي وإذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ والياقوت وفيه قباب اللؤلؤ والمرجان فقال: يا رسول الله لمن هذا القصر قال: لرجل مسلم موحد فقال: يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد؟ فقال رسول الله: أقم عندي البينة أنك مسلم موحد. قال: فبقي متحيرا، فقال له: لما قصدتك المرأة العلوية قلت: أقيمي عندي البينة أنك علوية. فكذا أنت أقم عندي البينة أنك مسلم. فانتبه الرجل حزينا على رده المرأة خائبة ثم جعل يطوف بالبلد ويسأل عنها حتى دل عليها أنها عند المجوسي فأرسل إليه فأتاه فقال له: أريد منك المرأة الشريفة العلوية وبناتها. فقال: ما إلى هذا من سبيل وقد لحقني من بركاتهم ما لحقني. قال: خذ مني ألف دينار وسلمهن إلي. فقال: لا أفعل. فقال: لا بد منهن. فقال: الذي تريده أنت أنا أحق به والقصر الذي رأيته في منامك خلق لي أتدل علي بالإسلام فوالله ما نمت البارحة أنا وأهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية ورأيت مثل الذي رأيت في منامك وقال لي رسول الله: العلوية وبناتها عندك؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: القصر لك ولأهل دارك وأنت وأهل دارك من أهل الجنة خلقك الله مؤمنا في الأزل. قال: فانصرف المسلم وبه من الحزن والكآبة ما لا يعلمه إلا الله.
فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة والأيتام ما أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ» قال الراوي: أحسبه قال: «وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ». والساعي عليهم هو القائم بأمورهم ومصالحهم ابتغاء وجه الله تعالى.
وفقنا الله لذلك بمنه وكرمه إنه جواد كريم رءوف غفور رحيم.

بالنسبة للقصة التي أرسلها الأخ عن المرأة العلوية وقصتها مع المسلم والمجوسي ومع أن القصة فيها معنى جيد عن الصدقة إلا أنها من ترهات الشيعة، ولا توجد في مرجع سني معتبر، بالإضافة لما فيها من النكارة، فإذا كان المسلم معلوما بين الناس أنه متصدق وقد شهد له أهل المسجد فلماذا يستوثق من نسب المرأة إن كانت علوية أو بكرية أو عمرية أو غير ذلك؟! من يتصدق ويشتهر بذلك بين الناس لا يهمه نسب المتصدق. هذا أولا.
الثاني: أن الرجل مسلم على كل الأحوال تصدق أم لم يتصدق فكيف يسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن إثبات إسلامه؟! وهل النبي صلى الله عليه وسلم يجهل هذا لمجرد أن الرجل رد المرأة.
ثالثا: القصة وردت في كتاب أعلام النساء المؤمنات لمحمد الحسون وأم علي مشكور، وهو من كتب الشيعة الخبيثة المطبوعة لمكتبة دار الأسوة في إيران، كتاب مليء بالأخبار الكاذبة والضالة والطعن في الصحابة الكرام، ويكفي أن تقرأ فيه قصة زواج سيدنا عمر من أم كلثوم بنت سيدنا علي لتعلم ضلاله وكذبه، وغيرها من القصص الأخرى عن معاوية وعمرو بن العاص وغيرهم.
فلا يجوز التساهل والنقل عن الشيعة لا سيما الغلاة منهم، وانظر إلى القصة كيف مدحت المجوسي عابد النار الذي نصر آل البيت على المسلم العادي والذي يسميه الشيعة (العامة) في مقابل الخاصة وآل البيت.
وفي ذكر المجوسي تمجيد للفرس وأصلهم ومعدنهم وأنهم يستجيبون لدعوة آل البيت دون غيرهم.
فالرجاء الحذر من هذه الروايات التي يتساهل فيها بعض الدعاة لا سيما أهل الحداثة منهم ظنا منهم أنهم يجذبون العامة لذلك.
رابعا: إيراد القصة في بعض النسخ المطبوعة لكتاب “الكبائر” للإمام الذهبي.
فالمشهور بين أهل التحقيق أن كتاب “الكبائر” له نسخ عدة منها المختصر والذي حققه جمع من العلماء، ولم ترد فيه هذه القصة، ومنه المطول الذي فيه زيادات يغلب على الظن أنها ليست من كتاب الذهبي الأصلي، وإنما هي زيادة من النساخ أو من بعض مبغضي الذهبي، وفيه هذه القصة، وقد نبه بعض المحققين للنسخة المطولة على ضعف هذه الروايات، ومن يعرف الذهبي وتشدده في الرواية يعلم ذلك.
والزيادة في كتب العلماء قديمة يلجأ إليها من يبغض الكاتب فيزيد روايات في كتابه للتشنيع عليه.
وخير مثال على ذلك كتاب الطبقات الكبرى للشعراني فقد زاد فيه مبغضوه ووضعوا عليه قصصا لا يقبلها عاقل ولا مجنون، وذلك حقدا عليه، وقد استغل هذه القصص نوعان من الناس: غلاة المتصوفة وجهلتهم، وحقدة الوهابية وأشياعهم، فشنعوا على الشعراني، وقد تبرأ الإمام الشعراني من هذه الزيادات القبيحة في رسالة له.
فالرجاء التثبت قبل نشر القصص.
المفتي: د خالد نصر