(ت1) يوجد بعض الآيات يرى البعض أنها تنفي الرحمة عن غير المسلم مثل قوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا? [الكهف: 30]. وقوله تعالى: ? وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? [الأعراف: 156، 157]. فما قولكم في مثل هذا الرأي؟

بالنسبة للآيات التي استدل بها البعض لنفي الرحمة عن غير المسلم أقول وبالله التوفيق:
أولا : ذكر البعض قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف: 30]. فأقول: هذه الآية لا تدل على نفي الرحمة عن غير المسلمين لا من جهة اللفظ ولا من جهة التطبيق:
فمن جهة اللفظ، جملة (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) نسميها في اللغة جملة اعتراضية قصدها التوكيد.
ومعنى الآية : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها ….، لأنا لا نضيع أجر من أحسن عملا.
فعدم ضياع عمل العامل قاعدة عامة لأن الله هو الحكم العدل، ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]. وأما جنات عدن بالوصف السابق فهي للذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ ودليل ذلك هو الضمير (مَنْ) وهو اسم موصول يدل على المطلق وهو من ألفاظ العموم في اللغة، ففي قول الله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160] ينصرف اللفظ (مَنْ) لكل من تقع منه الحسنات مضاعفة وهم أهل الإسلام يستوي في ذلك العاصي والطائع، والصحابي والتابعي، وأبو بكر رضي الله عنه وبائع اللبن في الشارع.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ أَوْ دُونَ دَمِهِ أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» فـ(مَنْ) هنا تعود على كل من وقع منه الفعل بالعموم، ولا تخصيص دون مخصص.
وعليه: فـ(مَنْ) في آية الكهف عامة في كل من فعل الخير واستحق الأجر مسلمًا كان أم غير مسلم، ولو كانت عائدة على ما سبق (الذين آمنوا ..) فقط لعاد القول عليهم بالضمير ، ولقال: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نضيع أجرهم) إذ لا فائدة من ذكر الظاهر بعد الظاهر، وهو ضعيف في النظم.
وسأعطي مثالا على ذلك؛ قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 33]، فاستعمال الضمير (هن) في كلمة (يكرههن) يعود على المذكورات السابقات في الآية وأنها خاصة بما كان يقع من إعمال الجواري في البغاء أيام الجاهلية، فهو هنا مخصوص بما وقع ولا عموم له في غير المذكور لأنه عاد بالضمير، أما لو قال: (ومن يكره النساء على البغاء فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) لاختلف المعنى تماما ولفسد حكم الشرع ، لأنه بذكر الاسم الظاهر يكون قد أقر قاعدة جديدة منفصلة عما سبق ذكره ومفادها أن كل من يجبر المرأة على البغاء مغفور له، وهذا لم يقل به الشرع. فترتيب الظاهر على الظاهر في آية الكهف يجعل لكل واحد منها حكمًا، ولو أراد ربط الثاني بالأول لذكره بالضمير كما في آية سورة النور. هذا من جهة النظم.
ثانيا: من جهة التطبيق:
إذا نظرنا إلى ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم سنجد أنه جازى من مات على الكفر بعمله الصالح وميزه عن غيره، وجعل له فضلا، سواء بالقول أو بالفعل، وسأذكر أمثلة:
الأول : عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب، فقد ورد أن أبا طالب استفاد من عمله في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأفاد أيضًا بكونه عمًّا للنبي مع أنه مات على الكفر، وهذه جملة من الأحاديث الصحيحة:
– روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ». وما ذاك إلا لدفاعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ما الفرق بين كفر أبي لهب الذي تبت يده بنص القرآن وكفر أبي طالب الذي رفض دعوة الإسلام ، اللهم إلا في الأفعال، فهذا كان عدوا لله ورسوله مع كفره، وهذا كان معينًا لرسول الله مع كفره أيضًا.
– روى البخاري ومسلم عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: «نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ». وفي رواية عن العباس عند مسلم أيضًا: قلت: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك، فهل نفعه ذلك؟ قال: «نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ». والضحضاح: هو شيء قليل كضحضاح الماء، وهو ما يبقى منه على وجه الأرض. وهذا نص صريح بأن عمل أبي طالب في نصرة النبي، وأن شفاعة النبي له نفعته وخففت عنه العذاب، وأن عمله في نصرة الحق لم يكن هباء منثورًا.
– وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكر عنده عمه أبو طالب، فقال: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ».
وهذا نص صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد من مات على الكفر، وأن شفاعته ليست مقصورة على أهل الإسلام فقط، بل تشمل من مات على الكفر، وإذا كانت شفاعة النبي جائزة وواقعة وهي مضمونة التحقق؛ فدعاؤنا ونحن لسنا من مضموني الشفاعة جائز من باب أولى.
– ومن ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن المطعم بن عدي وقد مات على الكفر: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي (طلب الشفاعة) فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى (أسرى المشركين في بدر) لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» رواه البخاري.
فجعل له النبي دالة وميزة متعلقة بأمر ديني وهو فكاك أسرى المشركين الذين نزل فيهم قرآن، لأنه أجاره يوم عودته من الطائف، فجعل النبي له ميزة على غيره من أهل الكفر، ولم يعتبر عمله باطلا أو هباءً منثورًا، كما يريد البعض، بل أجازه عليه.
– ومن ذلك نهي النبي عن قتل أبي البختري، قال ابن كثير: (قال ابن إسحاق: وإنما نهى رسول الله ﷺ عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله ﷺ وهو بمكة، كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة فلقيه المجذر بن زياد البلوي حليف الأنصار، فقال له: إن رسول الله ﷺ نهانا عن قتلك. ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة وهو من بني ليث، قال: وزميلي؟ فقال له المجذر: لا والله ما نحن بتاركي زميلك، ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك. قال: لا والله، إذا لأموتن أنا وهو جميعًا لا يتحدث عني نساء قريش بمكة أني تركت زميلي حرصًا على الحياة). فهذا النبي صلى الله عليه وسلم جعل له ميزة في الحرب على غيره وما ذاك إلا لسابقته في فعل الخير وكفه الأذى عن أهل الإسلام .
– ومن ذلك مدحته صلى الله عليه وسلم لابن جدعان بعد الإسلام وشهادته له حين قال: «لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفًا فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَنْكُثُهُ، وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ» مع أن أطرافه لم يكونوا من أهل الإسلام.
بقي أن أشير إلى ما ورد في خبر ابن جدعان على ما رواه مسلم في صحيحه، قالت عائشة: يا رسول الله، إن ابن جدعان كان يطعم الجائع، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، هل ينفعه ذلك عند الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «لاَ يَنْفَعُهُ؛ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ». فسياق كلام عائشة كان على المغفرة بدليل تعليق النبي صلى الله عليه وسلم، فإطعام الطعام وإقراء الضيف لا يكفي لدخول الإسلام أو لحصول المغفرة من الكفر، وهذه أحكام الدنيا، ومع ذلك فأعمال الخير تنفع صاحبها في تخفيف العذاب عنه كما أسلفنا في النصوص السابقة فلا تعارض بينها.
أما ما يخص آية الأعراف، فالاستدلال بها غريب، ويدل على عدم فهم لقواعد اللغة والأصول، وبيان ذلك الآتي:
أولا: هناك فرق بين سياق المدح وسياق الحصر والقصر؛ فإذا قلت: سأعطي زيدًا عشرًا، لا يعني هذا الكلام أنك لا تعطي عَمْرًا عشرًا، وإن لم تذكره، فكلامك منصرف لذكر زيد دون نفي العطية عن غيره، وإذا أردت أن تخص زيدًا دون غيره فلا يصح هذا بمجرد الذكر، ولكن لا بد من نفيه عن غيره، أو قصره عليه، فتقول: لن أعطي إلا زيدًا، أو إنما العطية لزيد، وهذا يتفق عليه أهل اللسان العربي، فإذا رجعنا إلى الآية وجدنا أن الله ذكر من استحق رحمته الواسعة وذكرهم بالفعل: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ …﴾. فهل هذا سياق حصر أو قصر؟
لقد ذكر الله بعض من يستحقون رحمته الواسعة، والتي تشمل هؤلاء وغيرهم، ولو أراد الله أن يقصرها عليهم لقال: ( فسأكتبها فقط لـلذين يتقون….) أو ( فإنما هي للذين يتقون…)
ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ…﴾ [التوبة: 60] فذكر الله أصنافا بعينها، فلا يجوز لأحد من العالمين أن يقول: نزيد على الأصناف الثمانية فندخل الأيتام والأرامل والمعوقين وكبار السن والمطلقات لأنهم يحتاجون إلى الدعم.
فهذه الآية قصرت وحصرت الزكاة على أصناف بعينها، ولو قالت الآية (الصدقات للفقراء والمساكين…) لجاز لنا أن نعطي المذكور وغير المذكور؛ لأن المذكور يكون على سبيل التمثيل والمدحة وخصوص الذكر، لا على سبيل الحصر.
ثانيا: إذا تأملنا آية الأعراف المشار إليها نجد أن من صفات المستحقين المذكورة (ويؤتون الزكاة) ومعنى يؤتي الزكاة مختلف عن يدفع الزكاة، فيؤتي معناه يؤديها بنصابها وفي مصارفها وفي وقتها.
والسؤال -بذات الفهم الذي يرى به البعض أن الآية تمنع الرحمة عن غير المسلم- إذا توفي مسلم موحد بالله مصلٍّ حاجٌّ ولكنه لم يدفع زكاة ماله، هل هو مستحق لرحمة الله الواسعة المذكورة في الآية؟ وإذا كان غير مستحق باعتبار تخلف الشرط، هل يجوز لنا أن نصلي عليه الجنازة وندعو له بالرحمة؟ فإن قال: نعم يجوز. قلنا: كيف أدخلته في الرحمة وقد تخلفت الصفة المذكورة في الآية؟ وإن قال: لا يجوز. قلنا: وهل عدم دفع الزكاة يعد كفرًا يخرج من الملة، ويبطل صلاة الجنازة، ومن ثم الدعاء فيها بالرحمة؟ فإن قال: نعم. طالبناه بدليل تكفير المقصر في دفع الزكاة. فإن قال: دليله فعل أبي بكر رضي الله عنه وقتاله مانعي الزكاة.
قلنا: فعل أبو بكر رضي الله عنه ذلك لجحدهم الزكاة، ولفرض سلطان الدولة عليهم، بدليل أن من عاد ودفع الزكاة لم يطلب منه أبو بكر الدخول في الإسلام مرة أخرى، بل استصحب له حكم الإسلام الأول.
وعليه فآية الأعراف ليس فيها حصر ولا قصر، ولا تمنع دخول غير المذكورين في رحمة الله الواسعة.
أما قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران: 91] فهي خارج محل النقاش أيضا، ومن درس الأصول يعلم جيدًا أنه يجب تحرير محل النزاع قبل الخوض فيه، وإلا صار الكلام سفسطة وسدى وهملا.
فما هو موضع النزاع الذي نناقشه؟
هل نناقش دخول الكافر الجنة بعمله الصالح؟ أم استفادة الكافر في الدنيا والآخرة من عمله الصالح وطلبنا الرحمة له؟
نحن نناقش الأمر الثاني: ولم يقل أحد أن الكافر مغفور له كفره بعمله الصالح، إنما قلنا: إن غير المسلم قد يخفف عنه العذاب يوم القيامة بعمله الصالح في الدنيا، وكذلك قد يرحمه الله بتخفيف معاناته بدعاء أهل الإسلام له، وقد قدمنا الأدلة من السنة الصحيحة أن بعض الكفار أفادوا من ذلك بعملهم الصالح وببركة النبي ودعائه لهم.
أما الآية المذكورة فخارج محل النزاع أصلا؛ إذ إنها تتحدث أن ذهب الأرض وفضتها لا ينقلون الكافر من حال الكفر إلى حال الإيمان يوم القيامة، وأن الآخرة دار جزاء لا دار عمل.
روى الشيخان عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ، قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ فِي ظَهْرِ أَبِيكَ آدَمَ أَلَّا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ».
فالنجاة المطلقة شرطها الإيمان بالله، وعدم الإشراك به، لكن أهل النار ليسوا على درجة واحدة من العذاب كما نقلنا، ومنهم من يفيد من عمله الصالح أو دعاء أهل الإسلام له بالرحمة فيخفف عنه ما هو فيه كما ذكرنا في الأحاديث الصحاح، فهذه الآية خارج محل النزاع.
المفتي: د خالد نصر