وردت الآية في سورة الأحقاف؛ قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}[الأحقاف: 29-30]. والسؤال لماذا ذكر موسى ولم يذكر عيسى؟
ذكرت بعض الكتب أن هؤلاء الجن كانوا من الجن اليهود، وروا ذلك عن ابن عباس وعطاء والحسن البصري وغيرهم، وقالوا كذلك أنهم لم يسمعوا ببعثة عيسى فأشاروا إلى من سمعوا به وهو موسى.
وأنا أقول: إن هذا بعيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلى جن اليهود فقط وإنما أرسل إلى الجميع كما أرسل إلى البشر جميعًا؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107] وليس للعرب أو اليهود خاصة.
كما أن مسألة عدم السماع بدعوة عيسى أمر مستبعد لأن معجزة سيدنا عيسى في الولادة والبعثة كانت أقوى من معجزة سيدنا موسى، وقد قال الله عنها: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا }[مريم: 21]. والآية المعجزة، فهل يعقل أن يغيب هذا عن الجن مع انتشاره واشتهاره وغرابته.
والذي يبدو لنا أن الجن أغفلت ذكر عيسى لأنه لم يأتِ بدين جديد وشريعة جديدة، وإنما مصدقًا لشريعة موسى؛ قال تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ}[آل عمران: 50]. كما أنه أرسل لذات القوم خاصة وهم بنو إسرائيل؛ {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}[الصف: 6]. فلما كان عيسى عليه السلام تابعا إلى الديانة الأصل وهي ديانة وشريعة موسى أشارت الجن لموسى باعتبار أن عيسى تابع له، على حين أن الإسلام جاء ناسخا لما قبله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: 19] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: 85].
الأمر الآخر أن التوراة اشتملت على الأمور الثلاثة وهي التوحيد والتشريع والقصص، وهذا أيضا في القرآن على حين أن الإنجيل في أكثره مواعظ وقصص.
هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
ذكرت بعض الكتب أن هؤلاء الجن كانوا من الجن اليهود، وروا ذلك عن ابن عباس وعطاء والحسن البصري وغيرهم، وقالوا كذلك أنهم لم يسمعوا ببعثة عيسى فأشاروا إلى من سمعوا به وهو موسى.
وأنا أقول: إن هذا بعيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلى جن اليهود فقط وإنما أرسل إلى الجميع كما أرسل إلى البشر جميعًا؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107] وليس للعرب أو اليهود خاصة.
كما أن مسألة عدم السماع بدعوة عيسى أمر مستبعد لأن معجزة سيدنا عيسى في الولادة والبعثة كانت أقوى من معجزة سيدنا موسى، وقد قال الله عنها: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا }[مريم: 21]. والآية المعجزة، فهل يعقل أن يغيب هذا عن الجن مع انتشاره واشتهاره وغرابته.
والذي يبدو لنا أن الجن أغفلت ذكر عيسى لأنه لم يأتِ بدين جديد وشريعة جديدة، وإنما مصدقًا لشريعة موسى؛ قال تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ}[آل عمران: 50]. كما أنه أرسل لذات القوم خاصة وهم بنو إسرائيل؛ {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}[الصف: 6]. فلما كان عيسى عليه السلام تابعا إلى الديانة الأصل وهي ديانة وشريعة موسى أشارت الجن لموسى باعتبار أن عيسى تابع له، على حين أن الإسلام جاء ناسخا لما قبله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: 19] {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: 85].
الأمر الآخر أن التوراة اشتملت على الأمور الثلاثة وهي التوحيد والتشريع والقصص، وهذا أيضا في القرآن على حين أن الإنجيل في أكثره مواعظ وقصص.
هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر