أولا: عقد الإجارة في صورته الإسلامية من عقود المعاوضات اللازمة؛ فالأجرة مقابل المنفعة، وهو ملزم للطرفين مدة الإجارة، وليس لأحدهما فسخه بغير رضا الآخر.
وَرَدَ في تحفة المحتاج: (لا تنفسخ إجارة عينية أو في الذمة ولا بفسخ أحد العاقدين بعذر لا يوجب خللا في المعقود عليه).
والعذر المبيح لفسخ العقد مختلف فيه بين الفقهاء، ما بين مضيق وهم الجمهور، وما بين السادة الأحناف الذين يتوسعون في الأعذار.
وعليه فهو لازم إلا لعذر معتبر.
ثانيا: اختلف الفقهاء في طبيعة اللزوم في عقد الإجارة؛ فعلى حين ذهب الجمهور إلى أن العقد لازم من وقت توقيع عقد الإجارة وهو لازم لكل المدة، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات، أو بوجود سبب من أسباب فسخه.
وذهب السادة الأحناف ووافقهم ابن تيمية – وهو الصواب عندنا – أن طبيعة اللزوم ثابتة بالعقد ولكنها متجددة، فعقد الإجارة منعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة، والمنافع لا تملك جملة واحدة، بل شيئا فشيئا، وعلى هذا فطروء العذر يقع بمنزلة قيام العيب الذي يسمح بالفسخ كما هو الحال قبل العقد.
ومعرفة الفرق مهم جدًّا لفهم طبيعة عقد الإجارة وما يترتب عليه.
فعلى حين أن الأجرة هي دين لازم على المستأجر لكامل المدة وإن لم تقع بعد، فهي لازمة ودين فقط على مدة المنفعة عند السادة الأحناف، ويظهر أثر الخلاف عند فسخ العقد، فلا يلزم رد الباقي عند الجمهور إلا إذا وقع الفسخ بالعذر الشرعي، ويقع رده عند السادة الأحناف بكل عذر قهري، يقع به ضرر على المستأجر.
ثالثا: شروط عقود الإجارة في الغرب فيها شروط متنوعة بين اللزوم والفسخ؛ ومنها مثلا أن العقد لازم من طرف المؤجر، ولكنه على خيار مشروط من جهة المستأجر، فمثلا: قد يشترطون عليه حدًّا أدنى من المكث وبعده هو بالخيار، إن شاء أتم وإن شاء فسخ، وكذلك يسمحون بالفسخ مع دفع غرامة محددة قد تكون ثلاثة أشهر من السنة أو غير ذلك.
والأصل في ذلك كله عندنا قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم» وقول عمر: “إن مقاطع الحقوق عند الشروط”.
وعلى ذلك فالرأي في المسألة أن الغرامة في حال التأخر في السداد جائزة وذلك للآتي:
١- أنها في أصل العقد وليست طارئة، فكأن الحال أن عقد الإيجار هو بالمبلغ ومعه الغرامة فإذا أداه في موعد معين سقط عنه ما نعتبره قيمة الغرامة.
وهذا له شواهد في البيع والشراء ومنه حصول تخفيض لأول عشرة يشترون، أو لمن يشتري خلال ستين دقيقة، وإلا لزمه كامل السعر، ولا نعد الفارق غرامة.
٢- أننا حتى لو لم نعتبرها من أصل العقد – وهي من أصله – فهي في مقابل فوات المنفعة وليست مقابل الدين.
روى البخاري في صحيحه قال: (وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه).
وما وذاك إلا لضياع المنفعة.
٣- أن باب الغرامات في البيوع والالتزامات من المصالح المرسلة التي يمكن أن يجتهد فيها العلماء وولاة الأمر لضبط الأسواق، وإلا لضاعت الحقوق وبارت السلع والمنافع، وتعطلت الأسواق.
وأخيرًا: أعجب ممن ألحق الغرامة بالربا، فلو قال: هي من أكل أموال الناس بالباطل. لكان له وجه من النظر، أما إنها ربا فهو توسع في مفهوم الربا. فالربا إما فضل، ولا محل له هنا، وإما نسيئة، ولا محل له هنا أيضا؛ لأن الربا المتمثل في الزيادة المشروطة في الدين مقابل الأجل، وبدون عوض يقابلها، فهو الإضافة إلى الدين (أصل الدين) مقابل الأجل.
والغرامة ليست مسامحة في مقابل الوقت، وليس مقصودها الزيادة، بل هي لضمان السداد في الوقت وعدم فوات منفعة الأجرة.
والحالة التي تحرم فيها الزيادة هي إذا ما جاء وقت السداد فقال المستأجر للمالك: (أخّرني أزدك). أو قال المالك: (إما أن توفي أو تربي). وهذا هو النسيئة أو ربا القرآن أو ربا الجاهلية، ولا نعرف غيره.
المفتي: د خالد نصر
وَرَدَ في تحفة المحتاج: (لا تنفسخ إجارة عينية أو في الذمة ولا بفسخ أحد العاقدين بعذر لا يوجب خللا في المعقود عليه).
والعذر المبيح لفسخ العقد مختلف فيه بين الفقهاء، ما بين مضيق وهم الجمهور، وما بين السادة الأحناف الذين يتوسعون في الأعذار.
وعليه فهو لازم إلا لعذر معتبر.
ثانيا: اختلف الفقهاء في طبيعة اللزوم في عقد الإجارة؛ فعلى حين ذهب الجمهور إلى أن العقد لازم من وقت توقيع عقد الإجارة وهو لازم لكل المدة، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات، أو بوجود سبب من أسباب فسخه.
وذهب السادة الأحناف ووافقهم ابن تيمية – وهو الصواب عندنا – أن طبيعة اللزوم ثابتة بالعقد ولكنها متجددة، فعقد الإجارة منعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة، والمنافع لا تملك جملة واحدة، بل شيئا فشيئا، وعلى هذا فطروء العذر يقع بمنزلة قيام العيب الذي يسمح بالفسخ كما هو الحال قبل العقد.
ومعرفة الفرق مهم جدًّا لفهم طبيعة عقد الإجارة وما يترتب عليه.
فعلى حين أن الأجرة هي دين لازم على المستأجر لكامل المدة وإن لم تقع بعد، فهي لازمة ودين فقط على مدة المنفعة عند السادة الأحناف، ويظهر أثر الخلاف عند فسخ العقد، فلا يلزم رد الباقي عند الجمهور إلا إذا وقع الفسخ بالعذر الشرعي، ويقع رده عند السادة الأحناف بكل عذر قهري، يقع به ضرر على المستأجر.
ثالثا: شروط عقود الإجارة في الغرب فيها شروط متنوعة بين اللزوم والفسخ؛ ومنها مثلا أن العقد لازم من طرف المؤجر، ولكنه على خيار مشروط من جهة المستأجر، فمثلا: قد يشترطون عليه حدًّا أدنى من المكث وبعده هو بالخيار، إن شاء أتم وإن شاء فسخ، وكذلك يسمحون بالفسخ مع دفع غرامة محددة قد تكون ثلاثة أشهر من السنة أو غير ذلك.
والأصل في ذلك كله عندنا قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم» وقول عمر: “إن مقاطع الحقوق عند الشروط”.
وعلى ذلك فالرأي في المسألة أن الغرامة في حال التأخر في السداد جائزة وذلك للآتي:
١- أنها في أصل العقد وليست طارئة، فكأن الحال أن عقد الإيجار هو بالمبلغ ومعه الغرامة فإذا أداه في موعد معين سقط عنه ما نعتبره قيمة الغرامة.
وهذا له شواهد في البيع والشراء ومنه حصول تخفيض لأول عشرة يشترون، أو لمن يشتري خلال ستين دقيقة، وإلا لزمه كامل السعر، ولا نعد الفارق غرامة.
٢- أننا حتى لو لم نعتبرها من أصل العقد – وهي من أصله – فهي في مقابل فوات المنفعة وليست مقابل الدين.
روى البخاري في صحيحه قال: (وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريِّه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه).
وما وذاك إلا لضياع المنفعة.
٣- أن باب الغرامات في البيوع والالتزامات من المصالح المرسلة التي يمكن أن يجتهد فيها العلماء وولاة الأمر لضبط الأسواق، وإلا لضاعت الحقوق وبارت السلع والمنافع، وتعطلت الأسواق.
وأخيرًا: أعجب ممن ألحق الغرامة بالربا، فلو قال: هي من أكل أموال الناس بالباطل. لكان له وجه من النظر، أما إنها ربا فهو توسع في مفهوم الربا. فالربا إما فضل، ولا محل له هنا، وإما نسيئة، ولا محل له هنا أيضا؛ لأن الربا المتمثل في الزيادة المشروطة في الدين مقابل الأجل، وبدون عوض يقابلها، فهو الإضافة إلى الدين (أصل الدين) مقابل الأجل.
والغرامة ليست مسامحة في مقابل الوقت، وليس مقصودها الزيادة، بل هي لضمان السداد في الوقت وعدم فوات منفعة الأجرة.
والحالة التي تحرم فيها الزيادة هي إذا ما جاء وقت السداد فقال المستأجر للمالك: (أخّرني أزدك). أو قال المالك: (إما أن توفي أو تربي). وهذا هو النسيئة أو ربا القرآن أو ربا الجاهلية، ولا نعرف غيره.
المفتي: د خالد نصر