(ف101) تأتينا رسائل إلكترونية فيها دلالة على خير، مثل الدلالة على موقع نافع به تفاسير أو فتاوى أو تلاوات، ثم يحثنا صاحب الرسالة على إعادة توجيه الرسالة لكل من نعرف، ويدعي أن هذا من قبيل الصدقة الجارية.
1- فإن افترضنا أن هذا الموقع بالفعل جيد، فهل نشره يعتبر صدقة جارية أم أنه فقط عمل خير أمره إلى الله؟
2- وإن افترضنا العكس، أن الموقع كان ظاهره خيرًا وهو يحمل أفكارا وفتاوى شاذة تضيق الواسع وتعسر اليسير وتصرف الناس عن صحيح الدين، فما حكم من ساهم في نشره؟

الصدقة الجارية هي: كل عمل خير يصنعه المسلم ويبقى أثره بعد ذهابه، وذلك كبناء مسجد، وشق نهر، وزراعة شجر، ووقف على خير وغيرها، فالصدقة الجارية هي فعل المنشئ لها وليس فعل غيره.
فمثلا المتبرع للمسجد بصدقة جارية له أجر الصدقة ومجلس الإدارة الذي يدير هذه الصدقة له أجر الإدارة وليس له أجر الصدقة الجارية لأنها ليست من إنشائهم.
هذه هي القاعدة، وأما ما يخص السؤال:
أولا: ليس كل ما يأتينا يجوز نقله للغير، بل يجب التحقق والتثبت من محتواه وفائدته، ولا يقبل حسن النية هنا لقوله صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [رواه مسلم].
ثانيا: إذا تحققنا من صحة المنقول؛ فلا يعتبر مجرد النقل صدقة جارية بل هو بلاغ عن الأصل كما قال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي»[رواه البخاري] ولا يكون المبلغ نبيًّا أو مشاركًا للنبي، ولكن له ثواب البلاغ.
ثالثا: أما إذا تخوفنا مما في المنقول فلا يجوز نقله إلا على سبيل البيان والتنبيه كما كان ينقل الأئمة كلام أهل الكفر وأهل الوضع وأهل البدع لبيانها.
كما أنه لا يحسن نقل فتاوى أهل التشدد والتعسير إلا إذا كنا نعلم أن المستفتي يقصدها لنفسه؛ لأنه يأخذ نفسه بالشدة، ومن نقل هذه الأشياء فقد ضيق واسعا وخالف السنة في أن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، هذا في باب العبادات.
أما في أبواب المعاملات والحدود فلا يصح نقل هذه الأراء إلا بعد التحري والدرس؛ لأن في ضياع حقوق الناس وقد يكون بمجرد النقل عن غير علم، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ}[النحل: 116].
المفتي: د خالد نصر