(ف103) سألني صديق من مصر هذا السؤال ووعدته أن أعرضه على حضرتك، يقول: إنه أقرض جارًا له مبلغًا من المال، ولم يحدد أجلا للسداد، وبعد فترة قال له جاره: سأسدد لك المبلغ على 3 أقساط متساوية في نهاية كل عام ميلادي، يعني على 3 سنوات، وافق صديقي، وبالفعل سدد له أول قسط، ثم حدث تعويم الجنيه الثاني، فانخفضت قيمة العملة بشدة إلى ما يقارب النصف.
وسؤاله: هل له أن يطالب المقترض أن يرفع قيمه المبلغ المتبقي لما يعادله من الدولار؟ أم أنه ملزم بالسداد بالجنيه حتى وإن انخفض أكثر من ذلك.
ويسأل أيضا: هل له أن يشترط إن أقرض أحدًا في المستقبل أن يعيد قيمة المبلغ بالذهب أو بالدولار؟

هذه واحدة من المسائل التي سنناقشها تفصيلا في أبحاث المعهد الدولي للدراسات الإسلامية، وسنذكر فيها رأيًا مقاصديًّا.
ومع ذلك على عجل أقول: اختلاف السوق إما أن يكون اختلافًا قليلًا عرفًا زيادة أو نقصًا، وهذا لا يؤثر في قيمة القروض التي لا تشترط الزيادة، ويجب رد الأصل بالقيمة المماثلة ومن زاد أو استزاد استغلالًا فقد أربى.
أما إن كان الاختلاف جزافيًّا وكبيرًا عرفًا كما أشار السائل في سؤاله، فالأصل الذي نرجع إليه هنا قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وقوله تعالى: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة: 279].
وعليه: فلا يجوز أن يضار مقرض في قرضه، ورد المال بالقيمة الهابطة مجازفة فيه ظلم وجور على حق المقرض، وفيه مخالفة أحسن الأداء التي أمر بها النبي، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى». [رواه البخاري]
وهذا الذي قلناه هو قول الإمام أبي يوسف من الأحناف، وهو ما عليه العمل في المذهب، وقول بعض المالكية.
فيجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج، كالذهب والفضة.
فيرى المقترض كم قيمة القرض بالذهب يوم أخذها ويؤديها بالقيمة السوقية في يوم الأداء.
وأما أن يشترط أن يعيد القرض بالذهب، فلا بد أن ينص على مقدار الذهب يوم الإقراض وأن يدفعه بقيمته، ولا يتركه للتقدير، بسبب الغرر والجهالة، وذلك أن يكتب أنه أعطاه عشرة آلاف وقيمتها ذهبًا كذا، على أن ترد عليه بذات مقدار الذهب، أو بقيمته يوم الوفاء.
المفتي: د خالد نصر