أما مسألة صلاة الإمام حاسر الرأس فأقول:
أولًا: جعلت الشريعة للصلاة أحكامًا، وجعلت منها شروطًا للصحة والقبول متى توافرت حكمنا على الصلاة بالصحة، وبمراجعة هذه الشروط في المذاهب الأربعة لا نجد ذكرًا لمسألة غطاء الرأس للرجل إمامًا كان أو مأمومًا، فالصلاة التي توافر لها الطهارة، وستر العورة الواجبة، واستقبال القبلة، والقيام بالأركان صلاة صحيحة، وليس من ستر العورة ستر الرأس للرجل في مذهب من المذاهب.
ثانيًا: ورد في بعض كلام بعض الأحناف والمالكية وبعض أهل العلم كالألباني التشديد في مسألة غطاء الرأس، حتى عدّ البعض الحسر تشبهًا بغير المسلمين، وقالوا بالكراهة للإمام والمأموم، واستدل هؤلاء بمداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ومداومة القرون الفاضلة وأهل العلم على تغطية الرأس.
ثالثًا: والرأي أن ستر رأس الرجل ليس بواجب وكشف رأسه ليس مكروهًا، وذلك للآتي :
١- أن النبي صلى الله عليه وسلم حج واعتمر وأمّ المسلمين حاسر الرأس ولو كان ستر الرأس من السنن أو المستحبات لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، فالنبي أمر الصحابة بالاضطباع (هو أن يجعل الرجل ثوبه تحت إبطه ويترك منكبه مكشوفًا) في الطواف وتركه في غيره، فَلَو كان ستر الرأس حال الصلاة مستحبًّا وتركه مكروهًا لفعله النبي حال الصلاة في إحرامه استثناءً.
٢- وفي الجامع الصغير برواية الطبراني عن ابن عمر قال: كان يلبس قلنسوة بيضاء، قال العزيزي: إسناده حسن، وفيه برواية الروياني وابن عساكر عن ابن عباس: كان يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم، ويلبس العمائم بغير قلانس، وكان يلبس القلانس اليمانية، وهن البيض المضربة ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحرب، وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه وهو يصلي. فالفقرة الأخيرة التي رواها ابن عساكر عن ابن عباس تقول أنه ربما نزع وصلى، وإن كانت رواية ابن عباس لم تسلم من مقال في السند.
٣- أن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث تكلم عما تحسن الصلاة فيه ولم يذكر غطاء الرأس بالجملة ومنه:
– ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صليت وعليك ثوب واحد, فإن كان واسعًا فالتحف به, وإن كان ضيقًا فاتزر به».
-وروى مسلم عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ملتحفا به, مخالفا بين طرفيه على منكبيه).
– وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء».
والقاعدة: أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
فَلَو كان ستر الرأس مما يستحب لذكره أو نهى عن تركه كما فعل مع العاتق.
رابعًا: أن أمور الهيئات تدخل جملة في باب العادات، ويكتفى فيها بما جاء الشرع بندبه.
وشرح ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلبس العمامة للصلاة قصدًا وإن داوم على ذلك، بل كان صلى الله عليه وسلم يلبسها في أغلب أحواله؛ في لقاء الوفود، في الحرب، في السفر، في الحضر.
وعليه: فلماذا تخصص العمامة دون غيرها مما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها. فالنبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بيئة تعتبر نزع العمامة من علامات النقص فالتزم بها كما التزم بها العرب مسلمهم وكافرهم، وكان الحاسر إما عبدًا أو مجنونًا أو صغيرًا.
وعليه: فإذا كان العرف المعروف يقضي بتغطية الرأس استحب للإمام أن يغطي ويكره له مخالفة الناس، وإن كان العرف المعروف يحسر جاز للإمام أن يحسر.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
أولًا: جعلت الشريعة للصلاة أحكامًا، وجعلت منها شروطًا للصحة والقبول متى توافرت حكمنا على الصلاة بالصحة، وبمراجعة هذه الشروط في المذاهب الأربعة لا نجد ذكرًا لمسألة غطاء الرأس للرجل إمامًا كان أو مأمومًا، فالصلاة التي توافر لها الطهارة، وستر العورة الواجبة، واستقبال القبلة، والقيام بالأركان صلاة صحيحة، وليس من ستر العورة ستر الرأس للرجل في مذهب من المذاهب.
ثانيًا: ورد في بعض كلام بعض الأحناف والمالكية وبعض أهل العلم كالألباني التشديد في مسألة غطاء الرأس، حتى عدّ البعض الحسر تشبهًا بغير المسلمين، وقالوا بالكراهة للإمام والمأموم، واستدل هؤلاء بمداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ومداومة القرون الفاضلة وأهل العلم على تغطية الرأس.
ثالثًا: والرأي أن ستر رأس الرجل ليس بواجب وكشف رأسه ليس مكروهًا، وذلك للآتي :
١- أن النبي صلى الله عليه وسلم حج واعتمر وأمّ المسلمين حاسر الرأس ولو كان ستر الرأس من السنن أو المستحبات لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، فالنبي أمر الصحابة بالاضطباع (هو أن يجعل الرجل ثوبه تحت إبطه ويترك منكبه مكشوفًا) في الطواف وتركه في غيره، فَلَو كان ستر الرأس حال الصلاة مستحبًّا وتركه مكروهًا لفعله النبي حال الصلاة في إحرامه استثناءً.
٢- وفي الجامع الصغير برواية الطبراني عن ابن عمر قال: كان يلبس قلنسوة بيضاء، قال العزيزي: إسناده حسن، وفيه برواية الروياني وابن عساكر عن ابن عباس: كان يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم، ويلبس العمائم بغير قلانس، وكان يلبس القلانس اليمانية، وهن البيض المضربة ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحرب، وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه وهو يصلي. فالفقرة الأخيرة التي رواها ابن عساكر عن ابن عباس تقول أنه ربما نزع وصلى، وإن كانت رواية ابن عباس لم تسلم من مقال في السند.
٣- أن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث تكلم عما تحسن الصلاة فيه ولم يذكر غطاء الرأس بالجملة ومنه:
– ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صليت وعليك ثوب واحد, فإن كان واسعًا فالتحف به, وإن كان ضيقًا فاتزر به».
-وروى مسلم عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ملتحفا به, مخالفا بين طرفيه على منكبيه).
– وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء».
والقاعدة: أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
فَلَو كان ستر الرأس مما يستحب لذكره أو نهى عن تركه كما فعل مع العاتق.
رابعًا: أن أمور الهيئات تدخل جملة في باب العادات، ويكتفى فيها بما جاء الشرع بندبه.
وشرح ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلبس العمامة للصلاة قصدًا وإن داوم على ذلك، بل كان صلى الله عليه وسلم يلبسها في أغلب أحواله؛ في لقاء الوفود، في الحرب، في السفر، في الحضر.
وعليه: فلماذا تخصص العمامة دون غيرها مما كان يلبسه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها. فالنبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بيئة تعتبر نزع العمامة من علامات النقص فالتزم بها كما التزم بها العرب مسلمهم وكافرهم، وكان الحاسر إما عبدًا أو مجنونًا أو صغيرًا.
وعليه: فإذا كان العرف المعروف يقضي بتغطية الرأس استحب للإمام أن يغطي ويكره له مخالفة الناس، وإن كان العرف المعروف يحسر جاز للإمام أن يحسر.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر