(ف135) سؤال عن صلة الرحم: هل التأنيث هنا مقصود به الأنثى أي بمعنى أن من واجب الذكر فقط أن يبادر بالصلة والزيارة لأخته، حيث سمعت بعض خطباء الجمعة يتكلمون وكأن المقصود بالرحم هي الأنثى فقط: “الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ”؟

الرحم: تنطق بكسر الحاء وبسكونها: الرحِم والرحْم، وهذا شأن الكلمات الثلاثية حلقية الوسط كاللحم والدأب وغيرهما، والرحم بالكسر والسكون: هي وعاء حمل الجنين في المرأة. والرحم: القرابة أو أسباب القرابة كالعمومة والخؤولة؛ فالأقارب جميعا رحم وواحدهم رحم ذكرًا كان أو أنثى.
– أما من جهة اللفظ فهو مؤنث وإن كان يقبل الإشارة بالجهتين فنقول: هذا رحم وهذه رحم، ولكن التأنيث يظهر في الجمع فنقول: هذه أرحام ولا نقول: هذا أرحام.
ودليله ما ورد في السنة:
فعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله: أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته» أخرجه الترمذي، وقال: حديث صحيح، وكذا الحاكم.
وسبب نسبتها للمؤنث أن الأقارب يرتدون إلى بطن واحدة، أي رحم واحدة.
– أما مسألة الصِّلة المأمور بها، فلا دخل لها بمجرد المبنى اللفظي وإن كانت تستقي منه قوتها، بل الكل مأمور بالصلة ولكن بدرجات؛ فالإخوة مأمورون بصلة الأخوات، والعكس كذلك، إلا أنها أكثر تأكيدًا في حق الذكور لأنهم يرثون أكثر من الإناث عادة، وأيديهم أعلى وأوفر إذ ليسوا تحت ملك رجل آخر كما هو حال البنات المتزوجات.
والأعمام أكثر تأكيدًا في الصِّلة من الأخوال إذ هم عَصب الرجل يرثهم ويرثونه في العموم، مع كون الصِّلة أيضا مندوبة في حق الأخوال، وهكذا.
فالصلة تتأكد في حق الأصول، وكذلك في حق الفروع، وتندب ندبًا شديدًا في حق الحواشي.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر