(ف136) صلى العصر منفردًا، وفي الركعة الثالثة شرع في تلاوة آيات بعد الفاتحة، وانتبه بعد ثلاث أو أربع آيات فقطع القراءة وركع. فهل عليه سجود السهو؟

بالنسبة لقراءة سورة أو بعض الآيات في الركعة الثالثة أو الرابعة من الثلاثية أو الرباعية؛ أقول:
أولًا: وردت بعض الأدلة المتعارضة في هذا الباب؛ فالذي ورد في صفة صلاة النبي في كتب الحديث والسنة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأوليين قرآنًا بعد فاتحة الكتاب، وكان يقتصر على الفاتحة فقط فيما عدا الأوليين.
ومنه ما ورد في البخاري بسنده عن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، وكان يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، وكان يسمع الآية أحيانا، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب.
وهذا ما عليه جلّ الرواية عن الصحب وهو مذهب الأئمة.
ومع ذلك فقد ورد عن بعض الصحابة أنه كان يزيد على الفاتحة في الأخريين أو الأخيرة في المغرب.
– ومنه ان ابن عمر كان يقرأ في الأربعة.
– ومنه أن الصديق كان يقرأ في الأخيرة في المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: 8].
وهذا يمكن تأويله بسهولة ولا يجب أن يخالف المستقر والذي عليه العمل.
ثانيًا: حكم من زاد:
أما من زاد في القراءة في موطن لا تسن فيه القراءة فقد اختلف الأئمة في الحكم:
– فمذهب الجمهور من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة أنه لا يجب عليه سجود السهو بذلك لتعارض الأدلة.
– أما المالكية فقالوا: لا شيء عليه مطلقًا وإن خالف الأولى.
– وأما الأحناف غير أبي يوسف فقالوا بالكراهة التنزيهية فقال ابن عابدين في الحاشية: “لا يكره تحريمًا بل تنزيهًا لأنه خلاف السنة. قال في المنية وشرحها: فإن ضم السورة إلى الفاتحة ساهيًا يجب عليه سجدتا السهو في قول أبي يوسف لتأخير الركوع عن محله، وفي أظهر الروايات لا يجب لأن القراءة فيهما مشروعة من غير تقدير، والاقتصار على الفاتحة مسنون لا واجب”.
وأما الشافعية والحنابلة فقالوا: لا يقرأ في الأخريين، ومن قرأ فقد خالف.
– رأي أبي يوسف من أئمتنا في المذهب يقول بسجود السهو على من زاد، وفلسفة حكمه قائمة على أن القراءة بعد الفاتحة في الثالثة أو الرابعة تؤخر الركن عن وقته، والركن هنا هو الركوع وتأخير الركن لغير علة وضرورة لا يجوز، بل يأخذ حكم السهو كمن مكث مدة بعد الفاتحة لا يقرأ، فهذا عليه السجود للسهو، وتأخير الركن قاعدة عامة عند الأحناف تستوجب السجود في مواطن التأخير.
– إن القراءة في الأخريين جائزة ولا لوم ولا سهو جمعًا بين الأدلة، وهذا يميل إليه بعض أهل الحديث.
وعليه: فرأينا هو رأي السادة الأحناف غير أبي يوسف أنه لا سهو في هذه الحالة، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر