(ف137) هل كل دعاء يلزمه أن نصلي على الرسول عليه الصلاة والسلام؟ مثال: إذا دعيت بالشفاء والمعافاة هل قبل أن أدعي يجب أن أصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لأني سمعت شيخًا يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع شخصًا يدعو ولم يذكر الرسول فقال: «دعاؤه لم يصل». وهل الدعاء في السجود أيضًا له نفس آداب الدعاء؟

أولا: من آداب الدعاء البدء بالحمد والثناء على الله المنعم المسؤول، والاستشفاع بسيد الخلق بالصلاة والسلام عليه لأنه باب القبول، والصلاة والسلام عليه من وسائل القبول، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}[الإسراء: 57]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}[المائدة: 35].
ثانيًا: الحديث المشار إليه رواه فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته، ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «عَجِلَ هَذَا»، ثم دعاه، فقال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِىِّ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ».[ رواه أبو داود، وأحمد ، والترمذي وصححه، وابن حبان، والحاكم].
والشاهد فيه أنه تَرَكَ مفتاح الدعاء ورجاء القبول، وهو الحمد والثناء والصلاة والسلام على الشافع، وليس في الحديث أن دعاءه لم يصل، ولكنه ترك بعض آداب الدعاء الواردة.
أما ما يخص الجزء الثاني من السؤال المتعلق بالدعاء في السجود:
فلا يختلف الدعاء في الصلاة عن خارجها في آدابه، وإنما الاختلاف قد يكون في صيغة الطلب، وذلك استصحابا لخلاف الأئمة فيما يجوز استعماله من كلامنا في الصلاة، وتفصيل كلامهم في الآتي:
أولا: اتفق الفقهاء على جواز الدعاء بالأدعية الواردة في القرآن والسنة مثل: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة …}[البقرة: 201] «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، ومن عذاب القبر»، ويسمى هذا النوع الدعاء بالمأثور.
وكذلك أجاز جمهور العلماء الدعاء بما يشبه المأثور، وذلك أن نستعمل كلمات تشبه الجمل الواردة في القرآن والسنة مثل: (اللهم إنا نسألك صلاح أولادنا وبناتنا).
ثانيًا: اختلف الفقهاء في جواز الدعاء بما لا يشبه المأثور في الصلاة، وذلك كالدعاء بأمر خاص من أمور الدنيا كزواج معين أو حصول عمل معين أو فيزا، أو قبول في جامعة:
– فذهب الجمهور إلى جواز كل ذلك في الصلاة وفي غيرها، واستدلوا بحديث ابن مسعود وفيه: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ» [البخاري ومسلم] وهذا عام في المأثور وفي غيره.
– وذهب الحنابلة أنه لا يصح الدعاء بغير الوارد المأثور في الصلاة لأنه من كلام الناس، وقد نص الحديث أن الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس.
– وذهب الأحناف إلى التفصيل؛ فقالوا المدعو به أنواع:
– ما لا يمكن طلبه إلا من الله كالهداية والمغفرة والرزق العام والجنة، فهذا جائز بكل صيغة.
– ما يجوز طلبه من المخلوق كعمل معين أو سيارة أو زواج من شخص بعينه، فمنعوا الدعاء به في الصلاة، وكلامهم هنا يشبه كلام الحنابلة.
والصواب أنه يجوز لنا الدعاء بما نشاء، وأن المقصود بكلام الناس هو الكلام الخارج عن حد الصلاة وما ليس بذكر، والدعاء كله ذكر، كما هو رأي المالكية والشافعية، وحديث كلام الناس لا يصلح مخصصا لعموم قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني ..}[غافر: 60] ولعموم حديث ابن مسعود السابق.
المفتي: د خالد نصر.