أولًا: الأصل في مواقيت الصلاة ما ورد في حديث جبريل الشهير: (جاءَ جبريلُ إلى النَّبيِّ حينَ زالتِ الشَّمسُ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ الظُّهرَ حينَ مالتِ الشَّمسُ، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا كانَ فَيءُ الرَّجلِ مثلَهُ جاءَهُ للعَصرِ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ العصرَ، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا غابتِ الشَّمسُ جاءَهُ فقالَ: قُم فصلِّ المغربَ، فقامَ فصلَّاها حينَ غابتِ الشَّمسُ سواءً، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا ذَهَبَ الشَّفقُ جاءَهُ فقالَ: قُم فصلِّ العشاءَ فقامَ فصلَّاها، ثمَّ جاءَهُ حينَ سطعَ الفَجرُ في الصُّبحِ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ، فَقامَ فصلَّى الصُّبحَ، ثُمَّ جاءَهُ منَ الغَدِ حينَ كانَ فيءُ الرَّجلِ مثلَهُ فقالَ: قُمْ يا محمَّدُ فَصلِّ، فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ جاءَهُ جبريلُ عليهِ السَّلامُ حينَ كانَ فيءُ الرَّجُلِ مِثلَيهِ فقالَ: قُم يا مُحمَّدُ فصلِّ، فصلَّى العَصرَ، ثمَّ جاءَهُ للمغرِبِ حينَ غابتِ الشَّمسُ وقتًا واحدًا لم يزَلْ عنهُ فقالَ: قُم فصلِّ فصلَّى المغربَ، ثمَّ جاءَهُ للعِشاءِ حينَ ذَهَبَ ثلثُ اللَّيلِ الأوَّلُ فقالَ: قم فصلِّ، فصلَّى العشاءَ، ثمَّ جاءَهُ للصُّبحِ حينَ أسفرَ جدًّا فقالَ: قُم فصلِّ، فصلَّى الصُّبحَ، فقالَ: ما بَينَ هذَينِ وقتٌ كلُّهُ) [رواه النسائي].
ففي هذه الرواية جعل بداية وقت العصر بوصفين، حين يكون ظل الرجل مثله، أو حين يكون ظل الرجل مثليه، وبكل واحد عمل بعض الفقهاء.
وتحديد الأوقات الأخرى في الرواية كان يشير إلى أول وقت الأداء وآخره، إلا في العصر والعشاء فأشار إلى وقتين للأداء، وإلا آخر وقت العصر هو قبل غروب الشمس، وآخر وقت العشاء هو طلوع الفجر على الأشهر.
وقد ذكر العلماء للعصر أوقات متميزة:
الأول: وقت الاختيار وهو كون ظل الرجل مثله أو مثليه.
الثاني: وقت جواز وهو ما بعد كون الظل مثلين إلى اصفرار الشمس.
الثالث: وقت اضطرار وهو وقت غروب الشمس.
ثانيًا: اختلف الفقهاء في بداية وقت العصر:
فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبان من الأحناف إلى أن بداية الوقت حين يكون ظل الشيء مثله، اعتمادًا على أكثر الروايات.
وذهب الإمام الأعظم رضي الله عنه إلى أن أول وقت العصر يبدأ حين يكون ظل الشيء مثليه (الفارق قريب من الساعة قليلا).
ورجح الإمام الأعظم رأيه برواية أخرى في عمل الأمم وثوابها، وفيها: (مَثَلُ المُسْلِمِينَ واليَهُودِ والنَّصارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ له عَمَلًا يَوْمًا إلى اللَّيْلِ، علَى أجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا له إلى نِصْفِ النَّهارِ، فقالوا: لا حاجَةَ لنا إلى أجْرِكَ الَّذي شَرَطْتَ لنا، وما عَمِلْنا باطِلٌ، فقالَ لهمْ: لا تَفْعَلُوا، أكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وخُذُوا أجْرَكُمْ كامِلًا، فأبَوْا، وتَرَكُوا، واسْتَأْجَرَ أجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ، فقالَ لهما: أكْمِلا بَقِيَّةَ يَومِكُما هذا ولَكُما الَّذي شَرَطْتُ لهمْ مِنَ الأجْرِ، فَعَمِلُوا، حتَّى إذا كانَ حِينُ صَلاةِ العَصْرِ، قالا: لكَ ما عَمِلْنا باطِلٌ، ولَكَ الأجْرُ الَّذي جَعَلْتَ لنا فِيهِ، فقالَ لهما: أكْمِلا بَقِيَّةَ عَمَلِكُما، ما بَقِيَ مِنَ النَّهارِ شَيءٌ يَسِيرٌ، فأبَيَا، واسْتَأْجَرَ قَوْمًا أنْ يَعْمَلُوا له بَقِيَّةَ يَومِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَومِهِمْ حتَّى غابَتِ الشَّمْسُ، واسْتَكْمَلُوا أجْرَ الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِما، فَذلكَ مَثَلُهُمْ ومَثَلُ ما قَبِلُوا مِن هذا النُّورِ) [رواه البخاري].
ففي هذا النص ذكر أن الباقي بعد وقت العصر وقت يسير، وهذا لا يكون إلا إذا كان وقت العصر متأخرًا وقريبًا من وقت المغرب.
وهذا الاستدلال وإن كان من خارج حديث المواقيت، إلا أنه يدل على ذكاء الإمام الأعظم وقدرته على الاستنباط.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
ففي هذه الرواية جعل بداية وقت العصر بوصفين، حين يكون ظل الرجل مثله، أو حين يكون ظل الرجل مثليه، وبكل واحد عمل بعض الفقهاء.
وتحديد الأوقات الأخرى في الرواية كان يشير إلى أول وقت الأداء وآخره، إلا في العصر والعشاء فأشار إلى وقتين للأداء، وإلا آخر وقت العصر هو قبل غروب الشمس، وآخر وقت العشاء هو طلوع الفجر على الأشهر.
وقد ذكر العلماء للعصر أوقات متميزة:
الأول: وقت الاختيار وهو كون ظل الرجل مثله أو مثليه.
الثاني: وقت جواز وهو ما بعد كون الظل مثلين إلى اصفرار الشمس.
الثالث: وقت اضطرار وهو وقت غروب الشمس.
ثانيًا: اختلف الفقهاء في بداية وقت العصر:
فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبان من الأحناف إلى أن بداية الوقت حين يكون ظل الشيء مثله، اعتمادًا على أكثر الروايات.
وذهب الإمام الأعظم رضي الله عنه إلى أن أول وقت العصر يبدأ حين يكون ظل الشيء مثليه (الفارق قريب من الساعة قليلا).
ورجح الإمام الأعظم رأيه برواية أخرى في عمل الأمم وثوابها، وفيها: (مَثَلُ المُسْلِمِينَ واليَهُودِ والنَّصارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ له عَمَلًا يَوْمًا إلى اللَّيْلِ، علَى أجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا له إلى نِصْفِ النَّهارِ، فقالوا: لا حاجَةَ لنا إلى أجْرِكَ الَّذي شَرَطْتَ لنا، وما عَمِلْنا باطِلٌ، فقالَ لهمْ: لا تَفْعَلُوا، أكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وخُذُوا أجْرَكُمْ كامِلًا، فأبَوْا، وتَرَكُوا، واسْتَأْجَرَ أجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ، فقالَ لهما: أكْمِلا بَقِيَّةَ يَومِكُما هذا ولَكُما الَّذي شَرَطْتُ لهمْ مِنَ الأجْرِ، فَعَمِلُوا، حتَّى إذا كانَ حِينُ صَلاةِ العَصْرِ، قالا: لكَ ما عَمِلْنا باطِلٌ، ولَكَ الأجْرُ الَّذي جَعَلْتَ لنا فِيهِ، فقالَ لهما: أكْمِلا بَقِيَّةَ عَمَلِكُما، ما بَقِيَ مِنَ النَّهارِ شَيءٌ يَسِيرٌ، فأبَيَا، واسْتَأْجَرَ قَوْمًا أنْ يَعْمَلُوا له بَقِيَّةَ يَومِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَومِهِمْ حتَّى غابَتِ الشَّمْسُ، واسْتَكْمَلُوا أجْرَ الفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِما، فَذلكَ مَثَلُهُمْ ومَثَلُ ما قَبِلُوا مِن هذا النُّورِ) [رواه البخاري].
ففي هذا النص ذكر أن الباقي بعد وقت العصر وقت يسير، وهذا لا يكون إلا إذا كان وقت العصر متأخرًا وقريبًا من وقت المغرب.
وهذا الاستدلال وإن كان من خارج حديث المواقيت، إلا أنه يدل على ذكاء الإمام الأعظم وقدرته على الاستنباط.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر