(ف16) ما حكم سجود التلاوة في الصلاة؟ وما حكم سجود التلاوة عند قراءة القرآن وفي الأوقات المكروهة؟ الرجاء التفصيل على المذاهب الأربعة، وجزاكم الله خيرًا.

أقول وبالله الحمد:
أولا: حكم سجود التلاوة يختلف عند أهل المذاهب؛ فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة قالوا: إنها سنة. وذهب الحنفية إلى وجوب سجود التلاوة، وإن قالوا: إنه وجوب على التراخي لا على الفور. وذلك معناه أنه إن أخرها جاز ولَم يأثم. واستدل الأحناف بعموم الأمر بالسجود ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ» وكذلك استدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم. أما الجمهور فاستدلوا بفعل عمر في خطبة الجمعة وبحضور الصحابة أنه قرأ آية السجدة في جمعة وسجد، وقرأها في جمعة ولَم يسجد ولَم ينكر عليه أحد.
ثانيا: حكم سجود التلاوة في الصلاة لا يختلف عن خارجها فهي سنة عند الجمهور على تفصيل بين الحنابلة والشافعية أنها سنة مؤكدة وروايتان عند المالكية بين السنية والفضيلة، وقد كره بعض المالكية تعمدها في الصلاة لأنها تزيد في الصلاة سجدة. أما الأحناف فقالوا بالوجوب إلا أنهم أجازوا أن يأتي بها مع السجدة الأصلية وذلك أن ينوي أن يسجد سجدة التلاوة مع سجوده في الصلاة.
ثالثا: سجود التلاوة عند قراءة القرآن على التفصيل السابق إلا أننا نزيد أنه إن كان يقرأ من حفظه بغير وضوء: فالأحناف يقولون: إنه يتوجب عليه مؤخرا لحين أن يتوضأ. والشافعية قالوا: يدعو بدلا منه بقوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. رابعا: أما عن سجود التلاوة في الأوقات المكروهة: فقد اختلف أهل العلم في سجود التلاوة في الأوقات المنهي عن صلاة التطوع فيها، ومنها ‏بعد العصر، فظاهر مذهب الحنفية والصحيح من مذهب الحنابلة هو أنه ‏لا سجود للتلاوة في الأوقات المنهي فيها عن صلاة التطوع لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ ‏الشَّمْسُ» رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. ومذهب الشافعية والمالكية وهو ‏رواية لأحمد: أنه يسجد في أوقات النهي لأنه من جملة الصلوات ذوات الأسباب.‏ والله أعلم.‏
المفتي: د خالد نصر