هذه المسألة فرع عن الخلاف الأصلي؛ هل يجوز للمفترض وهو هنا من يصلي المغرب أن يأتم بالمتنفل وهو هنا من يصلي السنة؟
أولًا: الأصل في هذا الباب عدة أحاديث تبدو متعارضة، وهي:
• ما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»[رواه البخاري ومسلم].
• وما رواه جابر بن عبد الله أن معاذًا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. [رواه البخاري ومسلم].
وظاهر الحديثين يوحي بالتناقض إذ كيف يأمر بمتابعة الإمام في الركوع والسجود والقيام والجلوس وينهى عن مخالفته؟
أقول: كيف يقع هذا مع صلاة معاذ مع النبي ومع قومه لنفس الصلاة؟
ثانيا: اختلف الأئمة في هذا اختلافًا بَيِّنًا، والآراء كالآتي:
الرأي الأول: لا بد من موافقة المأموم لنية الإمام في الفرض وفي غيره، ولا تجوز المخالفة.
– وعليه: فلا يجوز لمفترض أن يصلي خلف متنفل ولا متنفل خلف مفترض، ولا يجوز صلاة مفترض خلف من يصلي فرضا آخر.
وهذا رأي الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبي قلابة، وهو رواية عن مالك.
واستدل هؤلاء برواية: «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».
الرأي الثاني: وهو عكس الرأي الأول تمامًا، ويقضى بجواز المخالفة في النية في الجميع فيصلي المفترض خلف المتنفل والعكس، والمفترض خلف من يصلي فرضًا آخر.
هذا رأي الشافعية وداود بن علي، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب.
واستدل هؤلاء بحديث معاذ أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يؤم قومه.
الرأي الثالث: يقول أنه لا يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل ولا خلف من يصلي فرضًا آخر، ولكنهم أجازوا أن يصلي المتنفل خلف من يصلي الفرض.
وهذا رأي أئمتنا الأحناف رضوان الله عليهم.
وفلسفة هذا الرأي قائمة على الجمع بين النصين؛ فنص «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» يمنع مغايرة النية، وفعل معاذ يدل على أنه كان يصلي مع النبي بنية السنة ثم يذهب لإمامة قومه حيث كان هو الإمام، وكذلك لأن صلاة السنة أقل درجة من صلاة الفريضة ويجوز اقتداء الأقل بالأعلى ولا يجوز العكس.
– وعليه: لا يجوز أن يدخل المصلي بنية المغرب خلف من يصلي السنة على مذهبنا،
وإن جاز على رأي الشافعية، فإن أخذ برأي الشافعية فيتبع إمامه كيفما صلى ولا يفرض عليه قراءة معينة، وإن كنت لا أرجح هذا الرأي للأسباب السابقة، وللمخالفة في الأفعال والأقوال.
والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
أولًا: الأصل في هذا الباب عدة أحاديث تبدو متعارضة، وهي:
• ما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»[رواه البخاري ومسلم].
• وما رواه جابر بن عبد الله أن معاذًا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. [رواه البخاري ومسلم].
وظاهر الحديثين يوحي بالتناقض إذ كيف يأمر بمتابعة الإمام في الركوع والسجود والقيام والجلوس وينهى عن مخالفته؟
أقول: كيف يقع هذا مع صلاة معاذ مع النبي ومع قومه لنفس الصلاة؟
ثانيا: اختلف الأئمة في هذا اختلافًا بَيِّنًا، والآراء كالآتي:
الرأي الأول: لا بد من موافقة المأموم لنية الإمام في الفرض وفي غيره، ولا تجوز المخالفة.
– وعليه: فلا يجوز لمفترض أن يصلي خلف متنفل ولا متنفل خلف مفترض، ولا يجوز صلاة مفترض خلف من يصلي فرضا آخر.
وهذا رأي الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبي قلابة، وهو رواية عن مالك.
واستدل هؤلاء برواية: «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».
الرأي الثاني: وهو عكس الرأي الأول تمامًا، ويقضى بجواز المخالفة في النية في الجميع فيصلي المفترض خلف المتنفل والعكس، والمفترض خلف من يصلي فرضًا آخر.
هذا رأي الشافعية وداود بن علي، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب.
واستدل هؤلاء بحديث معاذ أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يؤم قومه.
الرأي الثالث: يقول أنه لا يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل ولا خلف من يصلي فرضًا آخر، ولكنهم أجازوا أن يصلي المتنفل خلف من يصلي الفرض.
وهذا رأي أئمتنا الأحناف رضوان الله عليهم.
وفلسفة هذا الرأي قائمة على الجمع بين النصين؛ فنص «لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» يمنع مغايرة النية، وفعل معاذ يدل على أنه كان يصلي مع النبي بنية السنة ثم يذهب لإمامة قومه حيث كان هو الإمام، وكذلك لأن صلاة السنة أقل درجة من صلاة الفريضة ويجوز اقتداء الأقل بالأعلى ولا يجوز العكس.
– وعليه: لا يجوز أن يدخل المصلي بنية المغرب خلف من يصلي السنة على مذهبنا،
وإن جاز على رأي الشافعية، فإن أخذ برأي الشافعية فيتبع إمامه كيفما صلى ولا يفرض عليه قراءة معينة، وإن كنت لا أرجح هذا الرأي للأسباب السابقة، وللمخالفة في الأفعال والأقوال.
والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر