(ف173) ماحكم الطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

هذه المسألة فرع عن الأصل المختلف فيه، ألا وهو: هل يقع الطلاق بالكتابة أم لا؟
وأنا أقول وبالله العون:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على آراء:
الرأي الأول:
مذهب الظاهرية، وقول للشافعية، ويرون عدم وقوع الطلاق بالكتابة، وإنما يقع باللفظ من القادر عليه، وهذا ما نقله ابن حزم في المحلى وقال: يقع الطلاق باللفظ الصريح وبأي لغة لمن لا يحسن العربية، ويقع من الأبكم والأصم بما يدل عليه من الإشارة.
الرأي الثاني:
مذهب جمهور الفقهاء ومنهم السادة الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، ويرون وقوع الطلاق بالكتابة من الحاضر والغائب، وهو من قبيل الكناية، يقع إن قصد المطلق به الطلاق، ولا يقع إن لم يقصد به المطلق الطلاق.
قال سيدنا الإمام الكاساني في البدائع من كتبنا المهمة: “أن يكتب على قرطاس، أو لوح، أو أرض، أو حائط، كتابة مستبينة لكن على وجه المخاطبة: امرأته طالق، فيسأل عن نيته، فإن قال: نويت به الطلاق. وقع، وإن قال: لم أنو به الطلاق. صدق في القضاء؛ لأن الكتابة على هذا الوجه بمنزلة الكناية؛ لأن الإنسان قد يكتب على هذا الوجه، ويريد به الطلاق، وقد يكتب لتجويد الخط، فلا يحمل على الطلاق إلا بالنية”.
الرأي الثالث:
رأي عند الشافعية ومفاده أنه يقع الطلاق بالكتابة من الغائب لا الحاضر على سبيل الكناية لا على سبيل التصريح.
الرأي الرابع:
أن الطلاق بالكتابة يقع على كل حال، وهذا ما يفهم من بعض كلام الأحناف وغيرهم.
والذي نراه: هو أن طلاق الكتابة لا بد له من أحد أمرين:
١- النية.
٢- دلالة الحال.
أما النية فأن ينوي حين الكتابة أنه يطلق زوجته، ولا كاشف لهذه النية إلا الرجل المطلق، فنعود بالقول عليه، والقول قوله قضاء، وأمره إلى الله ديانة.
وأما دلالة الحال كأن يكون بينهما نزاع فتقول له: طلقني، فيكتب على ورقة: طلقتك أو أنت طالق، فدلالة الحال تقول أنه يرد على طلبها.
فبغير النية أو دلالة الحال فطلاق الكتابة لا يقع وذلك للآتي:
– أن طلاق الكتابة يتطرق إليه الاحتمال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال لبس ثوب الإجمال، ولا يرفع الإجمال إلا بالقصد أو النية.
– أنه مما يدخله التزوير.
– أنه مما يحتمل قصد تحسين الخط أو إعادة الرواية عن الغير.
هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر