(ف18) هل يجوز للنساء الذهاب إلى الجنازة؟

اختلف أهل المذاهب في حكم حضور النساء للجنازة:
المانعون: قال الأحناف بعدم جواز حضور النساء للجنازة، واستدلوا بحديث: «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» أي: ارجعن بالوزر، وهذا دليل تحريم؛ لأن العقوبة لا ترتب إلا على ما هو محرم. وكذلك استدلوا بحديث السيدة فاطمة الذي رواه النسائي وغيره عن عبد الله بن عمرو قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ بَصُرَ بِامْرَأَةٍ لاَ تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ وَقَفَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ فَإِذَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: «مَا أَخْرَجَكِ مِنْ بَيْتِكِ يَا فَاطِمَةُ»؟ قَالَتْ: أَتَيْتُ أَهْلَ هَذَا الْمَيِّتِ فَتَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ وَعَزَّيْتُهُمْ بِمَيِّتِهِمْ. قَالَ: «لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى». قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَكُونَ بَلَغْتُهَا وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِي ذَلِكَ مَا تَذْكُرُ. فَقَالَ لَهَا: «لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ». وقد ضعف العلماء هذه الرواية.
وقد استدلوا بحديث أم عطية: نَهَانَا النَّبِيُّ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يَعْزِمْ. والحديث في صحيح البخاري.
المجيزون: أجاز المالكية حضور الجنائز وإن كان مشروطا بأمن الفتنة، فقالوا: يجوز خروج كبيرة السن لجنازة مطلقا, وكذا شابة لا تخشى فتنتها, لجنازة من عظمت مصيبته عليها, كأب, وأم, وزوج, وابن, وبنت, وأخ, وأخت, أما من تخشى فتنتها فيحرم خروجها مطلقا.
القائلون بالكراهة: وهم الشافعية والحنابلة؛ قال النووي: (مذهب أصحابنا أنه مكروه , وليس بحرام , وفسر قول أم عطية: ولم يعزم علينا. أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه نهي كراهة تنزيه , لا نهي عزيمة وتحريم). ومثله عن الحنابلة.
وقد رجح الشوكاني هذا الرأي في نيل الأوطار جمعا بين الأحاديث المتعارضة.
المفتي: د خالد نصر