(ف182) نريد فتوى فيما كان الآتي مباح أم حرام. في المعتاد حساب الوديعة يكون مرتبطًا بفوائد ثابتة، أما بعض الحسابات الآن تكون مرتبطة بفوائد متغيرة مع حالة السوق، والفائدة قد تصل 4?. 1) هل الفائدة المتغيرة تجعل الاستفادة من هذا النوع من الحسابات البنكية مباحاً للمسلم؟ 2) لو كانت الإجابة (نعم مباح) هل كون البنك أمريكيًّا لكن غير إسلامي يجعله محرمًا لأن استثمارات البنك قد تكون في تجارة محرمة مثل الخمور وغيرها؟ مع العلم قد يكون من الصعب العثور على قائمة استثمارات البنك التي تجلب الفوائد البنكية.

الجواب عما سبق فرع عن توصيف الوديعة البنكية، فمن ألحقها بالقرض على اعتبار أن المؤسسة المالية ضامنة ويلزمها الرد بالقيمة، جعل من الزيادة على أصل المال ربًا ممنوعًا، سواء كانت النسبة ثابتة أو متغيرة.
وكذا من ألحقها بباب الأمانات؛ لأن الأصل في باب الأمانات أن ترد بالعين لا بالقيمة، إلا إذا تلفت العين بفعل المؤتمن وتفريطه، أو تجهيله، ورد في مجلة الأحكام العدلية أن: “الأمانة غير مضمونة، فإذا هلكت أو ضاعت بلا صنع الأمين ولا تقصير منه لا يلزمه الضمان”، فمن اؤتمن على دولار رده دولارًا ، ومن اؤتمن على ذهب رده ذهبًا.
والفرق بين القرض والأمانة في أمرين : الضمان والإذن بالاستفادة ؛ فهما مادة القرض دون الأمانة.
ومن اعتبر الوديعة وكالة أو مضاربة أجاز الزيادة على أصل المال؛ لأن المضارب يطلب الفائدة والنماء، ووكيله في المضاربة يطلب ذات الشيء، ولكل نصيب من كسبه.
والصواب الذي نراه أن الوديعة البنكية هي معاملة جديدة وفيها من الأنواع الأربعة السابقة شبه ومفارقة، فهي تشبه القرض في ضمان الرد وتفارقه، فإنها تقع بطلب المودِع لا بطلب المودَع عنده بخلاف القرض، وأنها يمكن استردادها في أي وقت، بخلاف القرض الذي يضرب له أجل لا يجب معه تعجيل إلا بإذن المقترض وسماحته.
وفيها من الأمانة أنه يمكن استردادها في أي وقت بذات العين المدفوعة (لا نقصد عين النقد لأن النقود لا تتعين بالتعيين) أي دولارًا إن كانت دولارًا وذهبًا إن كانت ذهبًا، وتفارقه في أن البنك له حق التصرف في المال عينًا. وفيها من المضاربة أن البنك يستفيد من الاستثمار في الودائع ويقع له كسب، وتفارقه أن غرم الخسارة يقع على البنك فقط ولا يقع على المضارب.
وفيها من الوكالة إذ هي استنابة جائز التصرف فيها فيما تدخله النيابة، وهو المال المودع، وتفارقه في الضمان والرد بالمثل.
-وعليه: فالودائع البنكية بصورتها الحالية لم تكن معروفة في الفقه القديم ولا يمكن أن نحملها على حال واحدة ، بل نجتهد في حكمها بناء على توصيفها، ومن تضمنها معنى المضاربة والوكالة فيجوز أخذ الزيادة على أصل المال باعتبار وقوع الكسب. سواء كان بنسب متغيرة أو نسب ثابتة، على أن تكون هذه النسب مئوية لا عينية.
ولا يوجد في الشرع ما يمنع من تحديد نسبة ثابتة للربح والزيادة، بل ربما قامت المصلحة في حال من يتعايش على مبلغ الزيادة ليقوم بالضروري من احتياجاته ، فلا يتأرجح مع تأرجح النسبة.
المفتي: د خالد نصر