(ف193) ما حكم استعجال دفع الزكاة عن موعدها لإغاثة منكوبي الزلازل في سوريا وتركيا؟

اختلف العلماء في حكم تعجيل الزكاة عن موعد وجوبها، وهذا تفصيل أقوالهم:
١- ذهب الجمهور من الأحناف والحنابلة إلى جواز التعجيل، وجعله الحنابلة بحد أقصى عامين، وأطلق الأحناف لأكثر من عامين، واستدلوا بأن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة من العباس رضي الله عنه لعامين قابلين كما في المرسل عند البيهقي وغيره، وعند الترمذي أنه أذن له في تعجيل الزكاة عن موعد الحول.
٢- ذهب المالكية أن الأصل ألا تعجل الزكاة عن وقت الوجوب، واستثنوا من ذلك أمرين:
– المال اليسير كمن يتوقع أن يجب عليه ألفا دولار فيخرج عشرة دولارات مقدمًا؛ لأن القليل لا يأخذ حكم الكثير، ولأنه مظنون البقاء على الوجوب.
– السبق بالمدة القصيرة ، كاليوم واليومين والأسبوع، وبعضهم قال: العشرة أيام، ولم يجيزوا العام أو العامين.
٣- وذهب الشافعية لعدم جواز التقديم على ملك النصاب، وأجازوه بعد ملك النصاب وإن لم يكتمل الحول، ولكنهم في الأصح لم يجيزوه لعامين، وإن كان وجهًا عندهم.
وسبب المنع عند من منع أنه لا يتأتى الأداء قبل الوجوب قياسًا على عبادة أخرى مثل الصلاة التي لا يجوز أداؤها قبل حصول الوقت، ومثل صوم رمضان الذي لا يصح في شعبان مثلا، أو أن يصومه المسلم في الشتاء لعدة سنوات بدلًا من الصيف.
والصواب من ذلك مذهب السادة الأحناف والحنابلة وذلك للآتي:
١- أن الدليل قد ورد به، فيكون نصًّا.
٢- أن هناك فرقًا بين العبادات المالية والعبادات البدنية، فالأولى قائمة على الارتفاق وحاجة الناس، فهي من حقوقهم، كما أن الأصل فيها التبرع والمواساة زكاة كانت أو صدقة، على حين أن العبادات البدنية هي بين العبد وربه، والأصل فيها الخضوع والاستسلام للخالق المشرع.
فما كان من باب المواساة للخلق حسن فيه مراعاة أحوالهم وحوائجهم، وما كان من باب الخضوع والاستسلام حسن فيه مراعاة أحكام المشرع فتقع على مراده لا مراد الفاعل، وهذا فرق مهم جدًّا.
ولهذا نقول بجواز تعجيل الزكاة لمن ظن بقاء النصاب لعام أو عامين أو أكثر وتقع عنه زكاة.
المفتي: د خالد نصر