(ف203) هل يجوز للأخت المسلمة استعمال طلاء الأظافر (حلال) دون غسل الطلاء قبل الوضوء؟

أولًا: هذا السؤال فرع عن مسألة أخرى أكبر، وهي: هل يكتفي المسلم في باب المطعوم والمشروب والملبوس والمستعمل بخبر المخبر، أم أنه يحتاج لأكثر من هذا؟ فمثلا: نشتري لحما مكتوبًا عليه (حلال) أو (كوشر )، أو طلاء أظافر مكتوبًا عليه أنه لا يمنع من وصول الماء للظفر، أو شراب شعير مكتوبًا عليه (حلال) وهكذا .
وهل الأصل في هذه الأشياء الإباحة، مع ما يتبع ذلك من ترك الاستفصال ، أم أن الأصل هو إبراء الذمة واستنفاد الطاقة في تحصيل اليقين؟
ثانيا: من المعلوم أن درجات العلم ثلاث:
الأولى: علم اليقين، وتقع بخبر من نرجو صدقه.
الثانية: عين اليقين، وهذه تقع بالمشاهدة دون المشاركة.
الثالثة: حق اليقين، وهذه أعلى درجات المعرفة، ولا تقع إلا أن نكون جزءا من الخبر أو الحدث.
وأكثر المطالبات الشرعية تقع بالأول، ولا يطلب لها القسم الثاني أو الثالث.
فمن ذلك مثلا:
إثبات رؤية الهلال بشهادة الفرد، ودخول وقت الصلاة بأذان المؤذن، ومعرفة القبلة بدلالة الدال وغيرها.
ثالثا: من مصادر التشريع المهمة التي نعتمد عليها في فروع المسائل دليل الاستصحاب، وما تفرع عنه من قواعد مهمة مثل: (الأصل في الأشياء الإباحة) ، (الأصل براءة الذمة) (الأصل في الكلام الحقيقة)، (الأصل في الصفات العارضة العدم)…
وأهمية القواعد السابقة أنها تساعد في استقرار الأحكام ووسائل التحاكم، وتحارب التشكيك والسفسطة والديماغوجية والدهماوية .
والصواب في هذا التحاكم إلى الأصول والقواعد:
ومن ذلك:
١- الأصل استصحاب حكم الدار وحال أهلها في الحكم على الأشياء، فلا نسأل عن حل المطعوم في دار الإسلام، بل نستصحب له حكم الدار، فيكون حلالا إلى أن يثبت العكس.
٢- استصحاب صدق خبر المخبر من المسلمين إلى أن يثبت العكس؛ لأن الإيمان أصل والفسق عارض.
٣- استصحاب صدق المخبر، وإن لم يكن مسلمًا فيما تجبره قوانينه أن يكون صادقًا فيه، لا سيما مع وجود جهات رقابية؛ لأن الأصل خضوع الناس للقانون، والمخالفة عارضة.
– وعليه: فما أراه في القضية محل السؤال:
أن هذا الطلاء إذا أنتج في بلد إسلامي بصورة رسمية ونص على أنه لا يمنع من وصول الماء، فيعامل معاملة الحناء، وصبغة الشعر، فهذا يجوز استعماله ويكتفى فيه بخبر المخبر.
وإذا أنتج في بلد غير إسلامي وحصل على الموافقة على أنه لا يمنع من وصول الماء (not water proof) فهذا أيضا يجوز استعماله استصحابًا لصدق جهة الموافقة.
أما إذا لم يكن هذا ولا ذاك، فالأصل الذي نتحاكم إليه هو حديث إسباغ الوضوء. وعهدة وصول الماء عهدة عملية وليست عهدة خبرية مع غياب دليل الأصل.
وقولنا: (وعهدة وصول الماء عهدة عملية ..) أن اليقين يقع بالفعل لا بالظن لنص الحديث «إسباغ الوضوء على المكاره» فواجب المتوضئ أن يتأكد من وصول الماء للموطن المغسول، ولا نكتفي فيه بالظن.
وقولنا: (مع غياب دليل الأصل) أي الأصل المستصحب وهو نفاذ الماء للعضو، فمثلا من يعمل في الصباغة، الأصل أن الأصباغ لا تمنع من وصول الماء للجلد بطبعها.
وما قصدناه بغياب هذا أو ذاك، في حالة عدم النص، فالأصل أن يتحرى من يستعمل هذه المواد وصول الماء، ويكون واجب ذلك عليه عمليًّا، لا بخبر المخبر.
المفتي: د خالد نصر