(ف205) كما تعلمون ، قوانين الضرائب في بعض الدول مثل أمريكا وكندا تسمح بخصم بعض المصاريف من الدخل السنوي لتخفيف القيمة الخاضعة للضريبة أو ما يسمى (taxable income) ، وأحد هذه المصاريف هي التبرعات، وكثير من الأحيان التبرعات عن طريق المؤسسات الخيرية هنا تُخصَم بالكامل من الدخل السنوي عند حساب الضرائب التي يجب دفعها للدولة. سأطرح السؤال عن طريق مثال مبسط جدًّا:رجل دخله السنوي 100000 دولار ولم يتبرع بأي شيء من ماله ، ولنفرض أن الضريبة 20% ، نجد أن المبلغ النهائي المكتسب لهذا الشخص 80000 دولار بعد دفع الضريبة. الآن إن قلنا: إن مقدار زكاة هذا الرجل بعد الأخذ بعين الاعتبار كل الأملاك وغيرها لحساب الزكاة 10000 دولار ، وإذا سلمنا أن القانون يسمح بخصم المبلغ لحسبة الضريبة (فتصبح قيمة الضريبة 10000 دولار) ، نجد أن المبلغ النهائي الذي يحصل عليه بعد دفع الضريبة للدولة وزكاة المال هو أيضاً 80000 ، أي أنه يساوي قيمة ما يحصل عليه لو لم يخرج زكاة ماله أصلًا! أو بعبارة أخرى هذا يُظهر وكأن أملاك هذا الرجل وأمواله لم ينقص منها شيء حتى بعد إخراج الزكاة. هل هناك إشكالية في هذا الأمر؟ وهل طريقة الحساب في المثال المبسط المذكور صحيحة؟ أم هل يجب عليه إخراج قيمة أكثر من ذلك وكيف يتم حساب الزكاة في هذه الحالة؟

أولا : الزكاة والضريبة واجبان متباينان ، فالزكاة حق الله وحق المستحقين شرعًا، والضريبة حق المجتمع عرفا.
وما كان حق المجتمع عرفًا كان مقدمًا على غيره بقهر السلطان، فيعتبر من المصاريف الأساسية التي تراعى عند إخراج الزكاة، وذلك مثلها مثل الأكل والشرب والعلاج والسكن.
ثانيا: الضريبة في الدخل تعتبر دينا تراكميًّا في الرقبة، يتوجب أداؤه بنهاية الحول الضريبي، وهي بهذا تكون من الديون المعفاة من الزكاة أصالة، والفارق الوحيد بينها وبين الدين اللازم المستقر هو تحديد القيمة المحددة للضريبة، وفي الغالب يمكن معرفتها مسبقًا بواقع الحال، وهنا تخصم من قيمة الزكاة.
ومثال ذلك مَنْ شريحته الضريبية عشرون في المائة، فهذا ينقص هذه النسبة من قيمة المال المدخر والمكتسب بصورة تراكمية.
ثالثا: الأصل في المال المزكى ألا يكون مشغولا بالحاجات الأساسية، كالمأكل والمشرب والعلاج والسكن، ومنه الدين الحال وقت أداء الزكاة، أما الواجبات المالية طويلة الأجل كالدين العقاري والاستثماري فهذا لا يمنع من إخراج الزكاة في المال المدخر أو المكتسب.
أخيرا: المثال المعطى في السؤال مضطرب، وذلك للآتي:
– أن التبرعات ليست معفاة من الضريبة جملة ولكن بنسبة معينة ولا نعرف قيمة هذه النسبة حتى يتعين الوعاء الضريبي في نهاية الحول.
– أن دين الضريبة مقدم على غيره من الواجبات في نظر القانون.
والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر