(ف214) هل يجب على المعدم غير القادر المريض بمرض عضال لا يرجى شفاؤه ولا يستطيع صوم رمضان الفدية بالإطعام؟

الأصل الذي نتحاكم إليه في العبادات البدنية والمالية قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
فمن عجز عن فعل واجب انتقل إلى الواجب المخفف، كالأمر بين الوضوء والتيمم، والصلاة قائمًا وجالسًا ومضطجعًا ، ومن عجز عن الواجب المخفف ولم يكن هناك ما هو أخف منه آل الأمر إلى سقوط المطالبة، للعجز ، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] ، ودليله حديث من جامع امرأته في رمضان.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: «مَا لَكَ؟» قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم -وفي رواية: أصبت أهلي في رمضان- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قال: لا. قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قال: لا. قال: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيه تمر -والعرق: المكتل- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» قال: أنا، قال: «خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها –يريد الحَرَّتَيْنِ– أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ»”. [متفق عليه].
فقد جعل كفارته في نفسه لأنه فقير معدم.
وعلى ذلك فمن كان مريضًا مرضًا لا يرجى برؤه وهو فقير محتاج فليس عليه شيء إن أفطر على رأي جمهور العلماء، ونقل النووي عن بعض الشافعية أنه تلزمه الكفارة متى وقعت له المقدرة؛ لأنه دين في الرقبة لا يسقط إلا بالأداء، والأولى ما عليه الجمهور؛ لأنه عُذِرَ حال الفقر، فلا يطالب به بعد تغير الحال وسقوط واجب المطالبة.
المفتي: د خالد نصر