الجواب عما سبق فرع عن توصيف الوديعة البنكية ومال حساب التوفير؛ فمن ألحقها بالقرض على اعتبار أن المؤسسة المالية ضامنة ويلزمها الرد بالقيمة، جعل من الزيادة على أصل المال ربا ممنوعًا سواء كانت النسبة ثابتة أو متغيرة.
وكذا من ألحقها بباب الأمانات؛ لأن الأصل في باب الأمانات أن ترد بالعين لا بالقيمة، إلا إذا تلفت العين بفعل المؤتمن وتفريطه، أو تقصيره، ورد في مجلة الأحكام العدلية أن: (الأمانة غير مضمونة، فإذا هلكت أو ضاعت بلا صنع الأمين ولا تقصير منه لا يلزمه الضمان) ، فمن اؤتمن على دولار رده دولارًا، ومن اؤتمن على ذهب رده ذهبًا.
والفرق بين القرض والأمانة في أمرين: الضمان والإذن بالاستفادة ؛ فهما مادة القرض دون الأمانة.
ومن اعتبر الوديعة وكالة أو مضاربة أجاز الزيادة على أصل المال؛ لأن المضارب يطلب الفائدة والنماء، ووكيله في المضاربة يطلب ذات الشيء، ولكل نصيب من كسبه.
والصواب الذي نراه أن الوديعة البنكية هي معاملة جديدة وفيها من الأنواع الأربعة السابقة شبه ومفارقة، فهي تشبه القرض في ضمان الرد وتفارقه أنها تقع بطلب المودِع لا بطلب المودَع عنده بخلاف القرض، وأنه يمكن استردادها في أي وقت، بخلاف القرض الذي يضرب له أجل لا يجب معه تعجيل إلا بإذن المقترض وسماحته.
وفيها من الأمانة أنه يمكن استردادها في أي وقت بذات العين المدفوعة (لا نقصد عين النقد لأن النقود لا تتعين بالتعيين) أي دولارًا إن كانت دولارًا، وذهبًا إن كانت ذهبًا، وتفارقه في أن البنك له حق التصرف في المال عينًا.
وفيها من المضاربة أن البنك يستفيد من الاستثمار في الودائع ويقع له كسب، وتفارقه أن غرم الخسارة يقع على البنك فقط ولا يقع على المضارب.
وفيها من الوكالة إذ هي استنابة جائز التصرف فيها فيما تدخله النيابة، وهو المال المودع، وتفارقه في الضمان والرد بالمثل.
– وعليه: فالودائع البنكية بصورتها الحالية لم تكن معروفة في الفقه القديم ولا يمكن أن نحملها على حال واحدة، بل نجتهد في حكمها بناء على توصيفها، ومن تضمنها معنى المضاربة والوكالة فيجوز أخذ الزيادة على أصل المال باعتبار وقوع الكسب، سواء كان بنسب متغيرة أو بنسب ثابتة، على أن تكون هذه النسب مئوية لا عينية.
ولا يوجد في الشرع ما يمنع من تحديد نسبة ثابتة للربح والزيادة، بل ربما قامت المصلحة في حال من يتعيش على مبلغ الزيادة ليقوم بالضروري من احتياجاته، فلا يتأرجح مع تأرجح النسبة.
ولقائل أن يقول: كثير من المودعين ركنوا إلى إيداعاتهم في البنوك وبعوائد شهرية ثابتة يتعايشون عليها، ثم جاء انهيار البنوك كما في لبنان بالجملة وأصبحت البنوك غير قادرة على سداد العوائد أو الأصول، بل أصبح المرء لا يستطيع الوصول إلى إيداعاته، وكأن ماله كله قد محق واختفى، وهذا واقع يعيشه المودعون، وذلك كله بسبب جشاعة البنوك والمسارعة بالاستثمارات غير المضمونة وبأموال المودعين. وحتى لو ضمنت الدولة أموال المودعين فإنها لا تضمن كامل الإيداعات بل جزءًا منها، وقد يكون جزءا ضئيلا. ألا يحتاج هذا الواقع إعادة النظر في الفتوى المذكورة أعلاه؟!!
وعلى هذا الاعتراض أقول: ما أُشير إليه من انهيار المنظومة المالية في بعض البنوك، يؤكد ما ذهبنا إليه من اعتبار الزيادة على رأس المال جزءا من مال المضاربة وذلك للآتي:
١- قاعدة الغنم بالغرم، فإذا كان المودع عرضة لتقلبات الأحوال المالية في البنوك، فلماذا يقع عليه إصر الخسارة دون نفع الكسب، فالحال في لبنان –مثلًا- إذا كسبت البنوك وذهبنا لمنع أخذ الزيادة الشهرية أو السنوية بقول من يقول إنها ربا محرم، فهل هناك ما يلزم البنك برد جميع رأس المال في حال تعرضه لمخاطر مالية؟!
فإذا كان المودع داخلا في المخاطرة بهذه الصورة فله أن يأخذ من كسب البنك إذا وقع، نسبة ثابتة أو متغيرة.
٢- لا بد من مراعاة تغير قيمة التضخم السنوي بل الشهري والأسبوعي في بعض الحالات؛ فكل زيادة تعطيها البنوك مهما زادت عن رأس المال لا تساوي قيمة التضخم المتغيرة في واقعنا بصورة جزافية، فمن يودع ألفا في أول الشهر ربما لا تساوي ثلثي قيمتها على نهايته، والقاعدة في الرد: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 279].
– وعليه: فلا يوجد ما يمنع من أخذ الزيادة على حساب التوفير بالاعتبار السابق.
المفتي: د خالد نصر
وكذا من ألحقها بباب الأمانات؛ لأن الأصل في باب الأمانات أن ترد بالعين لا بالقيمة، إلا إذا تلفت العين بفعل المؤتمن وتفريطه، أو تقصيره، ورد في مجلة الأحكام العدلية أن: (الأمانة غير مضمونة، فإذا هلكت أو ضاعت بلا صنع الأمين ولا تقصير منه لا يلزمه الضمان) ، فمن اؤتمن على دولار رده دولارًا، ومن اؤتمن على ذهب رده ذهبًا.
والفرق بين القرض والأمانة في أمرين: الضمان والإذن بالاستفادة ؛ فهما مادة القرض دون الأمانة.
ومن اعتبر الوديعة وكالة أو مضاربة أجاز الزيادة على أصل المال؛ لأن المضارب يطلب الفائدة والنماء، ووكيله في المضاربة يطلب ذات الشيء، ولكل نصيب من كسبه.
والصواب الذي نراه أن الوديعة البنكية هي معاملة جديدة وفيها من الأنواع الأربعة السابقة شبه ومفارقة، فهي تشبه القرض في ضمان الرد وتفارقه أنها تقع بطلب المودِع لا بطلب المودَع عنده بخلاف القرض، وأنه يمكن استردادها في أي وقت، بخلاف القرض الذي يضرب له أجل لا يجب معه تعجيل إلا بإذن المقترض وسماحته.
وفيها من الأمانة أنه يمكن استردادها في أي وقت بذات العين المدفوعة (لا نقصد عين النقد لأن النقود لا تتعين بالتعيين) أي دولارًا إن كانت دولارًا، وذهبًا إن كانت ذهبًا، وتفارقه في أن البنك له حق التصرف في المال عينًا.
وفيها من المضاربة أن البنك يستفيد من الاستثمار في الودائع ويقع له كسب، وتفارقه أن غرم الخسارة يقع على البنك فقط ولا يقع على المضارب.
وفيها من الوكالة إذ هي استنابة جائز التصرف فيها فيما تدخله النيابة، وهو المال المودع، وتفارقه في الضمان والرد بالمثل.
– وعليه: فالودائع البنكية بصورتها الحالية لم تكن معروفة في الفقه القديم ولا يمكن أن نحملها على حال واحدة، بل نجتهد في حكمها بناء على توصيفها، ومن تضمنها معنى المضاربة والوكالة فيجوز أخذ الزيادة على أصل المال باعتبار وقوع الكسب، سواء كان بنسب متغيرة أو بنسب ثابتة، على أن تكون هذه النسب مئوية لا عينية.
ولا يوجد في الشرع ما يمنع من تحديد نسبة ثابتة للربح والزيادة، بل ربما قامت المصلحة في حال من يتعيش على مبلغ الزيادة ليقوم بالضروري من احتياجاته، فلا يتأرجح مع تأرجح النسبة.
ولقائل أن يقول: كثير من المودعين ركنوا إلى إيداعاتهم في البنوك وبعوائد شهرية ثابتة يتعايشون عليها، ثم جاء انهيار البنوك كما في لبنان بالجملة وأصبحت البنوك غير قادرة على سداد العوائد أو الأصول، بل أصبح المرء لا يستطيع الوصول إلى إيداعاته، وكأن ماله كله قد محق واختفى، وهذا واقع يعيشه المودعون، وذلك كله بسبب جشاعة البنوك والمسارعة بالاستثمارات غير المضمونة وبأموال المودعين. وحتى لو ضمنت الدولة أموال المودعين فإنها لا تضمن كامل الإيداعات بل جزءًا منها، وقد يكون جزءا ضئيلا. ألا يحتاج هذا الواقع إعادة النظر في الفتوى المذكورة أعلاه؟!!
وعلى هذا الاعتراض أقول: ما أُشير إليه من انهيار المنظومة المالية في بعض البنوك، يؤكد ما ذهبنا إليه من اعتبار الزيادة على رأس المال جزءا من مال المضاربة وذلك للآتي:
١- قاعدة الغنم بالغرم، فإذا كان المودع عرضة لتقلبات الأحوال المالية في البنوك، فلماذا يقع عليه إصر الخسارة دون نفع الكسب، فالحال في لبنان –مثلًا- إذا كسبت البنوك وذهبنا لمنع أخذ الزيادة الشهرية أو السنوية بقول من يقول إنها ربا محرم، فهل هناك ما يلزم البنك برد جميع رأس المال في حال تعرضه لمخاطر مالية؟!
فإذا كان المودع داخلا في المخاطرة بهذه الصورة فله أن يأخذ من كسب البنك إذا وقع، نسبة ثابتة أو متغيرة.
٢- لا بد من مراعاة تغير قيمة التضخم السنوي بل الشهري والأسبوعي في بعض الحالات؛ فكل زيادة تعطيها البنوك مهما زادت عن رأس المال لا تساوي قيمة التضخم المتغيرة في واقعنا بصورة جزافية، فمن يودع ألفا في أول الشهر ربما لا تساوي ثلثي قيمتها على نهايته، والقاعدة في الرد: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 279].
– وعليه: فلا يوجد ما يمنع من أخذ الزيادة على حساب التوفير بالاعتبار السابق.
المفتي: د خالد نصر