(ف222) في بعض الأحيان نضطر لفتح حساب توفير حتى نقلل ضرر السرقة من الذين يسرقون المال بطريقة غير شرعية، فنضع المال في حساب ربوي ليكون حماية من هؤلاء اللصوص … فهل يتغير الحكم؟

هناك حالان نتحدث عنهما في التصرفات؛ حال الاختيار، وحال الاضطرار، فكلامنا في الفتوى السابقة عن القسمة في حال الاختيار.
أما في حال الاضطرار فيباح ما كان محظورا بقدر، متفقًا عليه أو مختلفًا فيه.
والضرورة ليست متروكة لحال الفاعل، بل لها ضوابط عامة يمكن أن نشير إليها:
١- أن يكون الضرر في الممنوع أنقص من ضرر حالة الضرورة ، ومثال ذلك أكل الميتة في حال الإشراف على الهلاك، فهو أسهل من التضحية بالنفس، ولا يترتب عليه إلا المخالفة للمنع، بخلاف إذا ما كانت الضرورة لحفظ نفس المضطر أن يهلك نفس غيره، فهنا لا عذر أن يقدم حياته على حياة غيره؛ إذ هما متكافئتان، فمن أمره ظالم بقتل بريء، وإلا قتله هو، لا يعتبر في حال ضرورة.
٢- ألا يتوسع المضطر في استعمال الضرورة إلا بالقدر الذي تقتضيه الضرورة، فمن شرب المسكر للعطش لا يشرب إلا ما يذهب العطش، ومن كانت ضرورته النظر لبعض العورة المحرمة، لا يتعداها بالنظر لغير مكان الضرورة.
٣- ألا يكون هناك بديل لهذه الضرورة، كالمقترض من البنك مع وجود من يقرضه بغير الربا.
٤- أن يتقيد بزمن الضرورة لأن القاعدة تقول: إذا زال المانع عاد الممنوع.
٥- أن تكون الضرورة قطعية أو ظنية بدرجة كبيرة تقترب من القطع، أما التوهم والتوقع فلا يكفي، بمعنى أن المعيار لا بد أن يكون مستقرًّا في الحكم على الضرورة، وله ما يؤيده.
ولا يخفى حاجة الناس لحفظ أموالهم ومكتنزاتهم في أماكن آمنة كالبنوك، مع مخاطر عدم فعل ذلك، وكذلك عدم وجود بنوك مؤمنة في بعض الأماكن يغري بالجريمة والسرقة، فصار وجود البنوك حاجة عامة تأخذ حكم الضرورة في كثير من الأحيان، وصار إيداع المال فيها له نفس الوصف، فلا حرج في وضع المال في بنك مؤمن، حتى وإن كان ربويًّا للاعتبارات السابقة.
المفتي: د خالد نصر