أولا : يجوز للمرأة استعمال بعض مواد التجميل الطبيعية والمصنعة، بشرط أن تكون هذه المواد طاهرة، ودليله حديث جابر بن عبد الله وهو حديث طويل وفيه: “وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ بِبُدْنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فأنْكَرَ ذلكَ عَلَيْهَا، فَقالَتْ: إنَّ أَبِي أَمَرَنِي بهذا. قالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بالعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِيما ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذلكَ عَلَيْهَا، فَقالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ»” [رواه مسلم].
فهذه سيدة نساء أهل الجنة تستعمل الكحل، وهو شيء ظاهر في العين.
ثانيًا: ذهب جمع من المفسرين في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] إلى أنها بعض المجملات كالكحل في العين والخضاب في اليد، وبعض أنواع الصباغة، وكلها تشبه أدوات التجميل الحالية، ومنهم:
– يحيى بن سلام الإفريقي المتوفى سنة ٢٠٠ هـ، فقد نقل عن سعيد، عن ابن عباس أنه الكحل والخاتم.
– الفراء أبو زكريا الديلمي المتوفى سنة ٢٠٧ هـ، قال: الزينة: الوشاح والدملج {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الكحل والخاتم والخضاب.
– عبد الرزاق الصنعاني المتوفى سنة ٢١١، قال: أخبرنا ابن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: الكف والخضاب والخاتم.
وهذا ما نقله الهواري المتوفى سنة ٣٠٠ هـ، ونقل عن عائشة أنها قالت: القُلب -أي السوار- والفتخة -تعني الخاتم-. وكلها مجملات ظاهرة.
– ونقل الطبري المتوفى سنة ٣١١ عن ابن عباس أنه كحل العين وخضاب الكف، وعلق بقوله بعد أن ذكر آراء كثيرة في تفسير الآية: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب) [تفسير الطبري 17/259].
وهذا ما رواه أيضا ابن أبي حاتم المتوفى ٣٢٧ هـ، وما ذكره أيضا إمام الهدى رضي الله عنه سيدنا الأجل أبو منصور الماتريدي المتوفى ٣٣٣ هـ.
– وقال سيدنا الجصاص الرازي المتوفى سنة ٣٧٠ هـ: (وقال أصحابنا: المراد الوجه والكفان؛ لأن الكحل زينة الوجه، والخضاب والخاتم زينة الكف، فإذ قد أباح النظر إلى زينة الوجه والكف فقد اقتضى ذلك لا محالة إباحة النظر إلى الوجه والكفين. ويدل على أن الوجه والكفين من المرأة ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة الوجه واليدين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما كما عليها ستر ما هو عورة) [أحكام القرآن للجصاص 5/172].
وجرى على هذا التفسير ابن أبي زمنين والثعلبي والماوردي الذي قال: (والزينة ما أدخلته المرأة على بدنها حتى زانها وحسنها في العيون كالحلي والثياب والكحل والخضاب).
ونقل قريبا منه ابن عبد البر المالكي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ، بل إن الواحدي المتوفى سنة ٤٦٨ هـ ذهب إلى أن المرأة لها أن تظهر زينتها حتى نصف الذراع، قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } وهو الثياب والكحل والخاتم والخضاب والسوار، فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع.
– وفصل السمعاني المتوفى ٤٨٩ هـ بين الزينة الظاهرة والزينة الباطنة فقال: (وَاعْلَم أَن الزِّينَة زينتان: زِينَة ظَاهِرَة، وزِينَة باطنة، فالزينة الظَّاهِرَة هِيَ الْكحل والفتخة والخضاب إِذا كَانَ فِي الْكَفّ، وَأما الخضاب فِي الْقدَم فَهُوَ الزِّينَة الباطنة، وَأما السوار فِي الْيَد، فَعَن عَائِشَة أَنه من الزِّينَة الظَّاهِرَة، وَالأَصَح أَنه من الزِّينَة الْبَاطِنَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَأما الدملج –ما يلبس في العضد من حلي وغيره- والمخنقة والقلادة، وَمَا أشبه ذَلِك فَهُوَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة، فَمَا كَانَ من الزِّينَة الظَّاهِرَة يجوز للْأَجْنَبِيِّ النَّظر إِلَيْهِ من غير شَهْوَة، وَمَا كَانَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة لَا يجوز للْأَجْنَبِيِّ النَّظر إِلَيْهَا، وَأما الزَّوْج ينظر ويتلذذ، وَأما الْمَحَارِم ينظرُونَ من غير تلذذ) [تفسير السمعاني 3/521].
وقال بذلك البغوي في تفسيره، والزمخشري في تفسيره.
وقال الفخر الرازي: (وأما الذين قالوا الزينة عبارة عما سوى الخلقة فقد حصروه في أمور ثلاثة: أحدها: الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها، والغمرة في خديها، والحناء في كفيها وقدميها. وثانيها: الحلي كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط. وثالثها: الثياب قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وأراد الثياب). [تفسير الفخر الرازي 23/364].
– القرطبي المتوفى سنة ٦٧١ هـ، نقل قسمة الزينة لظاهرة يدخل فيها الكحل والخضاب وباطنة، قال: (فما ظهر فمباح أبدًا لكل الناس من المحارم والأجانب ..) [تفسير القرطبي 12/229].
وهذا غيض من فيض نقلناه.
وعليه: فلا حرج أن تستعمل المرأة المجملات بالشروط التي ذكرناها، وهي أن تكون طاهرة، غير مبشعة للوجه، ولا تقصد بها الفتنة أو التشبه بالفاسقات.
المفتي: د خالد نصر
فهذه سيدة نساء أهل الجنة تستعمل الكحل، وهو شيء ظاهر في العين.
ثانيًا: ذهب جمع من المفسرين في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] إلى أنها بعض المجملات كالكحل في العين والخضاب في اليد، وبعض أنواع الصباغة، وكلها تشبه أدوات التجميل الحالية، ومنهم:
– يحيى بن سلام الإفريقي المتوفى سنة ٢٠٠ هـ، فقد نقل عن سعيد، عن ابن عباس أنه الكحل والخاتم.
– الفراء أبو زكريا الديلمي المتوفى سنة ٢٠٧ هـ، قال: الزينة: الوشاح والدملج {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الكحل والخاتم والخضاب.
– عبد الرزاق الصنعاني المتوفى سنة ٢١١، قال: أخبرنا ابن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: الكف والخضاب والخاتم.
وهذا ما نقله الهواري المتوفى سنة ٣٠٠ هـ، ونقل عن عائشة أنها قالت: القُلب -أي السوار- والفتخة -تعني الخاتم-. وكلها مجملات ظاهرة.
– ونقل الطبري المتوفى سنة ٣١١ عن ابن عباس أنه كحل العين وخضاب الكف، وعلق بقوله بعد أن ذكر آراء كثيرة في تفسير الآية: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب) [تفسير الطبري 17/259].
وهذا ما رواه أيضا ابن أبي حاتم المتوفى ٣٢٧ هـ، وما ذكره أيضا إمام الهدى رضي الله عنه سيدنا الأجل أبو منصور الماتريدي المتوفى ٣٣٣ هـ.
– وقال سيدنا الجصاص الرازي المتوفى سنة ٣٧٠ هـ: (وقال أصحابنا: المراد الوجه والكفان؛ لأن الكحل زينة الوجه، والخضاب والخاتم زينة الكف، فإذ قد أباح النظر إلى زينة الوجه والكف فقد اقتضى ذلك لا محالة إباحة النظر إلى الوجه والكفين. ويدل على أن الوجه والكفين من المرأة ليسا بعورة أيضا أنها تصلي مكشوفة الوجه واليدين، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما كما عليها ستر ما هو عورة) [أحكام القرآن للجصاص 5/172].
وجرى على هذا التفسير ابن أبي زمنين والثعلبي والماوردي الذي قال: (والزينة ما أدخلته المرأة على بدنها حتى زانها وحسنها في العيون كالحلي والثياب والكحل والخضاب).
ونقل قريبا منه ابن عبد البر المالكي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ، بل إن الواحدي المتوفى سنة ٤٦٨ هـ ذهب إلى أن المرأة لها أن تظهر زينتها حتى نصف الذراع، قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } وهو الثياب والكحل والخاتم والخضاب والسوار، فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع.
– وفصل السمعاني المتوفى ٤٨٩ هـ بين الزينة الظاهرة والزينة الباطنة فقال: (وَاعْلَم أَن الزِّينَة زينتان: زِينَة ظَاهِرَة، وزِينَة باطنة، فالزينة الظَّاهِرَة هِيَ الْكحل والفتخة والخضاب إِذا كَانَ فِي الْكَفّ، وَأما الخضاب فِي الْقدَم فَهُوَ الزِّينَة الباطنة، وَأما السوار فِي الْيَد، فَعَن عَائِشَة أَنه من الزِّينَة الظَّاهِرَة، وَالأَصَح أَنه من الزِّينَة الْبَاطِنَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَأما الدملج –ما يلبس في العضد من حلي وغيره- والمخنقة والقلادة، وَمَا أشبه ذَلِك فَهُوَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة، فَمَا كَانَ من الزِّينَة الظَّاهِرَة يجوز للْأَجْنَبِيِّ النَّظر إِلَيْهِ من غير شَهْوَة، وَمَا كَانَ من الزِّينَة الْبَاطِنَة لَا يجوز للْأَجْنَبِيِّ النَّظر إِلَيْهَا، وَأما الزَّوْج ينظر ويتلذذ، وَأما الْمَحَارِم ينظرُونَ من غير تلذذ) [تفسير السمعاني 3/521].
وقال بذلك البغوي في تفسيره، والزمخشري في تفسيره.
وقال الفخر الرازي: (وأما الذين قالوا الزينة عبارة عما سوى الخلقة فقد حصروه في أمور ثلاثة: أحدها: الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها، والغمرة في خديها، والحناء في كفيها وقدميها. وثانيها: الحلي كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط. وثالثها: الثياب قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وأراد الثياب). [تفسير الفخر الرازي 23/364].
– القرطبي المتوفى سنة ٦٧١ هـ، نقل قسمة الزينة لظاهرة يدخل فيها الكحل والخضاب وباطنة، قال: (فما ظهر فمباح أبدًا لكل الناس من المحارم والأجانب ..) [تفسير القرطبي 12/229].
وهذا غيض من فيض نقلناه.
وعليه: فلا حرج أن تستعمل المرأة المجملات بالشروط التي ذكرناها، وهي أن تكون طاهرة، غير مبشعة للوجه، ولا تقصد بها الفتنة أو التشبه بالفاسقات.
المفتي: د خالد نصر