(ف251) ماذا يحدث لمن مات وعليه دين شخصي لغير مسلم كريدت كارد أو حتى قرض عمل أو بيت؟ كيف يقضي هذا الدين خصوصًا إن لم يكن هناك ضامن؟

أولا: وردت النصوص الشريفة بوجوب سداد الدين وخطورة التهاون في سداده؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ ‌أَنْ ‌تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]. وقال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والحاكم -وصححه ووافقه الذهبي- عن محمد بن عبد الله بن جحش رضي الله عنه، قال: كنا جلوسًا بفناء المسجد حيث تُوضَع الجنائز، ورسول الله صلى الله عليه وسلم رأسُه إلى السماء، فنظر ثم طأطأ بصرَه، ووضع يده على جبهته، ثم قال: «سبحان الله! سبحان الله! ماذا نزل من التشديد؟» قال: فسكتنا يومنا وليلتنا، فلم نرَها خيرًا حتى أصبحنا، قال محمد: فسألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ما التشديد الذي نزل؟ قال: «في الدَّيْن، والذي نفسُ محمدٍ بيده، لو أن رجلًا قُتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قُتِل في سبيل الله تعالى، ثم عاش، وعليه دَيْنٌ، ما أُدْخِلَ الجنةَ حتى يقضي دَيْنَه».
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة: «نفس المؤمن مُعلَّقةٌ بدَيْنه حتى يُقضَى عنه» [رواه الترمذي وحسنه].
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ثوبان رضي الله عنه: «مَن فارق الروحُ الجسدَ وهو بريءٌ مِن ثلاث دخل الجنة: الكِبْر، والدَّيْن، والغلول» [رواه الترمذي وصححه].
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن إمامة الصلاة على المَدِين الذي لا مؤديَ له، كما ورد في البخاري عن سَلَمة بن الأَكْوع رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أُتي بجنازة، فقالوا: صلِّ عليها، فقال: «هل عليه دَيْنٌ؟» قالوا: لا، قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: لا، فصلَّى عليها، ثم أُتي بجنازةٍ أخرى، فقالوا: يا رسول الله، صلِّ عليها، فقال: «هل عليه دينٌ؟» قيل: نعم، قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: ثلاثة دنانير، فصلِّ عليها، قال: «صلُّوا على صاحبِكم»، قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينُه، فصلَّى عليه.
ثانيًا: الواجب على المسلم أن يؤدي دينه في وقته وفي حياته، سواء كان دينًا بأجل معلوم أو غير معلوم، وسواء كان الدين لمسلم أو لغير مسلم، وسواء كان لفرد أو جهة.
وله أن يوصي بأداء دينه مما تركه إن لم يتيسر له الأداء في حياته، أو كانت بعض الديون لا يتوجب الأداء فيها إلا بالموت كباقي المهر المسمى للزوجة.
ثالثًا: من مات وعليه دين مأذون فيه، وليس له ما يقوم مقام دينه، ندب على قرابته سداد دينه، فإن لم يكن له قرابة، فيندب دفع دينه من المال العام لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمَن تُوفي مِن المؤمنين فتَرَك دَيْنًا، فعليَّ قضاؤه، ومَن ترك مالًا فلورثتِه».
ولكن يشترط في هذا النوع من الديون أن تكون من الديون المباحة، وأن يكون قد استدانها لحاجته الأصلية، أو حاجة من يعول.
رابعًا: بالنسبة لديون القروض البنكية أو الكريدت، التي لا مال لدى الميت لسدادها ، فالأولى أن يحاول أهله إسقاط الدين من قبل الدائن؛ (قد يستفيد الدائن من القانون في ضرائبه) وإلا لزمت وصارت في عنق المدين.
المفتي: د خالد نصر