(ف260) كيف نوفق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا». وقوله تعالى في الحديث القدسي: «وَإِنْ هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا ‌كَتَبْتُهَا ‌وَاحِدَةً»؟

الآثام أنواع وأقسام:
فمنها مثلا تقسيمها بالنسبة للجرم فنقول: صغائر وكبائر.
ومنها تقسيمها بحسب من وقعت في حقه، فنقول: ذنوب في حق الله تعالى وذنوب في حق العباد.
ومنها تقسيمها باعتبار الأثر المترتب، فتقسم للخطأ والعمد، وهكذا.
ومن هذه التقسيمات تقسيمها باعتبار التعدي واللزوم.
فالذنب اللازم هو ما وقع من الشخص لا يشاركه فيه غيره بتحريضه، وذلك كترك الصلاة مثلا أو عدم دفع الزكاة، أو ضرب فلان وغير ذلك، فهذا ذنبه لازم لصاحبه وهو المقصود بالحديث.
أما الذنوب المتعدية والتي يقوم بها الشخص فيتبعه جمع من الناس اقتداءً وتقليدا، فهذا هو الذنب المتعدي وينصرف له الحديث المشار إليه: «وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثمِ مثلُ آثامِ مَنْ تَبِعهُ لا يَنْقُصُ ذلك مِنْ آثامِهم شَيئًا» [رواه مسلم].
ومنه: «لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلَّا كانَ علَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها، لأنَّهُ كانَ أوَّلَ مَن سَنَّ القَتْلَ» [رواه مسلم].
ومنه: «وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهْمِ شَيْئًا» [رواه مسلم].
فكل هذا لأن المعصية هنا ليست لازمة فقط، بل متعدية؛ فيقع بها إثمان: إثم الفعل وهذا لازم، وإثم الاقتداء وهذا متعدٍّ، والاقتداء قد يقع من واحد فيقع إثم إضافي، وقد يقع من عشرة فيقع الإثم بالعدد.
المفتي: د خالد نصر