(ف266) لاحظت أن الجميع يدعو إلى مقاطعة بعض المنتجات الداعمة للعدو الصهيوني. فما حكم الشرع في أموال الضرائب التي يتم اقتطاعها من المرتبات؟ وأي شيء يُشترى في الغرب بصفة عامة، والتي بها يتم دعم الحروب على المسلمين؟

أولا: يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما استطاع وبالوسيلة المتاحة والتي يقدر عليها.
ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقاطعة منتجات أعداء الإسلام والمسلمين المحاربين، وكذلك من يدعمهم، يفعل المسلم ذلك احتسابا وباعتباره بابًا من أبواب الجهاد في سبيل الله.
ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» [رواه أبو داود].
وكذلك فعل ثمامة بن أثال حين قطع الميرة عن مشركي مكة وقال: “والله لا تصلكم حبة قمح حتى يأذن فيها رسول الله”.
ولقد قاطع النبي صلى الله عليه وسلم بعض أهل الإسلام ومنع التعامل معهم فيما دون المحاربة والكفر، كما حصل مع النفر الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فمقاطعة أعداء الإسلام أولى وأوجب.
وهو ما يوهن صفهم ويضعف اقتصادهم، ويثير عليهم عامتهم وخاصتهم، ما يؤذن بفساد أمرهم، ويشغلهم بأنفسهم عن عداوة المسلمين.
وعلى ذلك فالمقاطعة واجبة على كل من استطاع باعتبار الحال.
ثانيا: بالنسبة لأموال الضرائب، فهي تختلف عن المنتجات، فهي ليست فعلًا اختياريًّا، بل هي بجبر القانون، ما يعرض المتخلف عن دفعها لضرر متحقق، والقاعدة العامة هي الوفاء بالواجبات: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌أَوْفُوا ‌بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ». ومن شروط الإقامة دفع الواجبات المالية.
فلا يحسن التخلف عن دفع الضريبة حتى وإن أساء أهل الحكم استعمال بعضها.
ولكن: يسعى المسلم ما استطاع إلى تقليل ما يدفعه بشرط أن يكون ذلك بصورة يجيزها القانون، وذلك كأن يتبرع بجزء من دخله لأعمال الخير، أو يكفل عددا من أهله ممن يصح ضمهم لصحيفة الضرائب، أو يُوجِدَ بابًا قانونيًّا للاستقطاع كمصاريف الدراسة أو مصاريف بيزنيس شخصي، مما يجيزه القانون ويفعله كبار أهل الأعمال هنا، فيجتهد أن تكون ضريبته في أقل صورة يسمح بها القانون ولا تؤدي إلى المؤاخذة، ويفعل ذلك احتسابا لله ونهيا عن منكر القوم، فيؤجر مرتين؛ أجرة الدنيا وأجر الآخرة.
أما وإن لم يكن بد وليس له باب قانوني فعليه الوفاء بالضريبة.
وقد وقع التعامل بين المسلمين وغير المسلمين في وقت الحرب كما في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر عند البخاري: “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً؟» قَالَ: لا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً”.
ونوصي المسلمين أن يكونوا على حرص شديد في التعامل مع الأمور القانونية حتى لا تقع مفسدة أكبر من المفسدة الواردة في السؤال.
المفتي: د خالد نصر