(ف276) هناك دعوة لإضراب عام وعدم مزاولة أي أعمال وعدم إرسال الأبناء إلى المدارس نصرةً لغزة وشعبها. فهل هذا واجب شرعي؟ وهل عدم الالتزام به يوقع في الحرام؟ يرجى تبيان رأيكم  وخصوصًا للموظفين وللطلاب في المدارس والجامعات.

أولا: يتوجب على كل مسلم قادر أن يؤدي واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أَجَلِّ ما يقع به الأمر بالمعروف هو نصرة المظلوم بالكلمة وباليد، وبكل فعل إيجابي أو سلبي، إيجابي تجاه المظلوم وسلبي تجاه الظالم، ومن لم يقم بهذا وهو قادر فهو على خطر العموم بالعقوبة. ثانيا: المظاهرات والمقاطعات والاعتصامات والاضطرابات، هي من أمور السياسة الشرعية، ومن الوسائل. وهذا القسم الذي ينتمي للسياسة الشرعية إنما يقع بالاجتهاد في النازلة، ولا يخضع لمبدأ الدليل بمفهومه الخاص، بل بمفهومه الواسع وهو ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر. ومرد الاجتهاد في السياسة الشرعية هي جهة الولاية الشرعية إن كانت قائمة كمجلس أهل الحل والعقد، ويوازيها هنا المجالس التشريعية المنتخبة، وكذلك يكون موطن الاجتهاد فيها للعلماء من أهل الاختصاص، فعلماء السياسة أولى من غيرهم في باب السياسة، وعلماء الاقتصاد أولى من غيرهم في باب الاقتصاد وهكذا، وكل ذلك تحت مقاصد الشريعة العامة وقواعدها الكلية. وعلى ذلك فالإضرابات في أصلها من باب السياسة الشرعية، وتنطبق عليها الأحكام التكليفية الخمسة. ثالثا: إذا اجتمع أهل الحل والعقد ودعوا للإضراب اعتراضًا على ما يقع من حرب ظالمة جائرة، فالحكم يتردد بين الوجوب والندب والإباحة، فمن كان مستطيعًا قادرًا ولا يقع عليه ضرر وجب عليه الفعل من باب النصرة للمظلوم. ومن كان يتوقع ضررًا مظنونًا أو مما يمكن تحمله فهو مندوب للفعل. أما من كان يقع عليه ضرر محقق كالطالب يرسب في الامتحان، والموظف يهدد في عمله، والطبيب يقصر في حق مريضه، والكاسب يفقد قوت يومه، فهذا مباح له عدم المشاركة في الإضراب. والذي نراه في الدعوى المشار إليها أنها رسالة مهمة لكل العالم وللمجاهدين على الأرض أن الناس معهم، فلعله يكون تثبيتًا لقلوبهم، فمن كان حاله من الحالين الأولين الذين أشرنا إليهما فليشارك في الإضراب وإلا فهو معذور. المفتي: د خالد نصر