(ف3) أنا أعمل في شركة تبيع الدهانات وجرت العادة عندهم إرسال غداء كالبيتزا للمقاولين في مواقعهم، وكذلك إرسال البيرة التي تحتوي على الكحول، وقد طلب مني عمل طلبية لهذه الأصناف وتوصيلها للموقع، هل توصيلي لهذه المنتجات سواء البيتزا التي تحتوي على لحم الخنزير أو البيرة أؤثم عليه؟

الأصل أن القاعدة قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2] وهذه قاعدة كلية، فالمسلم متوجه لترك كل إثم وكل ما يعين عليه.
ثانيًا: نفرق في الأفعال بين الفعل المباشر، وبين الإعانة على الفعل المباشر، والإعانة لها درجات؛ فمثلا يحرم على المسلم أكل الخنزير وشرب الخمر وهذا فعل مباشر، ويحرم عليه الإعانة على ذلك بصنع الطعام، ولكن درجة الإثم تقل بين الفعل المباشر، وبين الإعانة عليه.
ثالثًا: نفرق في الشريعة بين القليل والكثير، ونعطي حكم الأغلب في كثير من الأمور، وله فروع فقهية؛ فإذا كان غالب ما يباع مثلا في جهة معينة من الحلال، وبعضه القليل من المحرم أعطيناه حكم الحل للأغلب، وإذا اختلط مال حلال كثير بمال محرم قليل حملنا المال على الحل للأغلب، وذلك كالدم في اللحم، فهو محرم في ذاته لكنه قليل بدرجة لا تجعل اللحم محرما، ومهما غسلنا اللحم يبقى هناك دم.
وعليه: فإن كان هذا الأخ يستطيع ألا ينقل هذه الطلبات ولا تؤثر على عمله وعقده مع الشركة فليفعل، وإن لم يستطع نظر إلى كم المحرم في المنقول، فإن كان أغلبه من الحلال وبعضه من المحرم جاز له هذا العمل حملا على الأغلب، وإن كان المحرم هو الأغلب، وهو في حاجة إلى ذلك العقد يجوز له أن يأخذ برأي السادة الأحناف الذين يجيزون بعض العقود الفاسدة في دار الكفر، لا سيما إذا كانت المنفعة للمسلم، وذلك بشرط ألا يشتري بنفسه الخمر المحرمة، ويكون دوره فقط النقل.
المفتي: د خالد نصر