(ف316) ما هي كفارة مريض السكر الذي يتعاطى جرعات من الأنسولين ولا يقدر على الصيام؟

تنقسم الأمراض المبيحة للفطر في نهار رمضان إلى نوعين:
• الأمراض المزمنة:
وهي الأمراض التي تم التحقق من عدم إمكانية الشفاء منها في العادة والعرف مثل السكر وأمراض القلب وبعض السرطانات، وقد يزيد الصيام من حدتها، ويبطئ من علاجها، ويعاني المريض خلالها من أعراض ومضاعفات بشكل يومي، ويحتاج بسببها إلى تناول الطعام والأدوية خلال فترة النهار.
فمن كان هذا حاله يُشرع له الفطر في نهار رمضان ويدفع فدية الصيام للمريض؛ عن كل يوم لم يستطع صيامه من شهر رمضان، وهذا ينطبق أيضًا على كبار السن الذين يتعذر عليهم الصيام. وتكون الكفارة في هذه الحالة بإطعام مسكين عن كل يوم صيام مفروض.
قال تعالى: ﴿‌وَعَلَى ‌الَّذِينَ ‌يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، ومعنى (يطيقونه) في أحد التوجيهات في الآية: أي يتحمَّلون صيامه بمشقّة. وهو الشيخ الكبير وأمثاله، ويلحق بهم أصحاب الأمراض المزمنة، فهؤلاء يفطرون ويطعمون، وهذا المعنى متَّفَق عليه بين الفقهاء.
أو أن المعنى على تقدير (لا) محذوفة أي لا يطيقونه، كما في قوله تعالى: ﴿قَالُوا ‌تَاللَّهِ ‌تَفْتَأُ ‌تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [يوسف: 85] أي: لا تفتأ، وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ‌فِي ‌الْأَرْضِ ‌رَوَاسِيَ ‌أَنْ ‌تَمِيدَ بِهِمْ﴾ [الأنبياء: 31] أي: لا تميد بهم. وهذا ما يكون في الأمراض المزمنة.
قال ابن عابدين في الحاشية: (المريض إذا تحقق اليأس من الصحة فعليه الفدية لكل يوم من المرض).
وقال ابن قدامة في المغني: (والمريض الذي لا يرجى برؤه، يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا).
وقال الزركشي في شرحه مختصر الخرقي: (وفي معنى العجز عن الصوم لكبرٍ العجز عنه لمرض لا يرجى برؤه).
• الأمراض الشديدة غير المزمنة:
وهي الأمراض التي تصيب الإنسان مؤقتًا ويرجى الشفاء منها، لكنها يقع بها مشقة الصوم كالعمليات الجراحية، وأمراض الغدد التي تتطلب علاجا، وأدوار البرد الشديدة، والأمراض التي تحتاج لمحاليل غذائية.
فهذه يمكن أن تكون سببا للإفطار في نهار رمضان، على أن يقضي المفطر ما أفطره من أيام بعد برئه من المرض على قول جمهور العلماء، وله أيضا الإطعام على رأي بعض الفقهاء، وهو ما رجحه الفخر الرازي.
وقد اختلف الفقهاء في تحديد قيمة الكفارة على حسب نوع الطعام:
• فذهب الأحناف إلى أن كفارة الصوم هي نصف صاع من بر، أو صاع من تمر أو شعير، والصاع حوالي ثلاثة كيلو أي من ستة إلى سبعة باوند، فإذا أخذنا التمر مثلا كان حوالي عشرين دولارا.
• وذهب المالكية والشافعية إلى أن كفارة الصيام مد من الطعام أيا كان، وهو يساوي حوالي نصف كيلو وعدة جرامات، أي باوند ونصفًا، وهو هنا يقدر بحوالي عشرة دولارات.
• وذهب الحنابلة إلى أنه مد من بر، أو نصف صاع من غيره، فيكون حوالي ثلاثة باوند وقليلًا، ويقدر بحوالي خمسة عشر دولارا.
وعلى ذلك جاء تقديرنا لهذا العام بسبب نسبة التضخم وارتفاع الأسعار أن تكون فدية إفطار رمضان:
عشرين دولارا على المذهب الحنفي.
وخمسة عشر دولارا على مذهب الجمهور.
تدفع عن كل يوم.
المفتي: د خالد نصر