(ف319) ما حكم دعوة أعضاء الكونغرس من الطرفين الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري لحضور مهرجانات واحتفالات المسلمين؟ أليس ذلك من النفاق والخذلان؟ وأخص بذلك دعوة إليزابيث وارن  Elizabeth Warren لحضور حفل جمع التبرعات ل ICNE؟ كأنها ستحضر البركة وبحضورها سيرضى عنا من لم يرض الله عنه.

أولا: في المواقف الصعبة والتي تهم جمهور الأمة لا بد على الأفراد والتجمعات والعلماء والقادة اتخاذ المواقف التي تصدر من طبيعة ديننا الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والذي يحث على عدم التعاون مع الإثم والعدوان.
والمسلم مأمور بهذا الأمر كل على قدر استطاعته، وأقلّ الاستطاعة هي إنكار القلب للضعفاء وأصحاب الأعذار، وإنكار القلب موصوف في نص القرآن: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ‌الَّذِينَ ‌يَخُوضُونَ ‌فِي ‌آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنعام: 68].
والمساجد والمؤسسات أولى بهذا الأمر؛ لأنه تمثل قدوة لغيرها.
ثانيا: مع أن دعوة السياسيين في بلاد الغرب من مسائل السياسة الشرعية، والنشاط المجتمعي، إلا أن التجربة العملية أثبتت أن جل هؤلاء إن لم يكن كلهم، ما هم إلا جزء من منظومة النفاق السياسي والاجتماعي المتغلغلة في طبيعة وتكوين المجتمعات الغربية الحديثة، لا سيما في طبقات أهل الحكم.
فهؤلاء يأكلون على كل الموائد، ويسمعون حديث اللهو لكل سامع، فيقولون في المسجد ما يوافق الحال، ويقولون في البِيعَة ما يوافق الحال، ويقولون في المعبد ما يوافق الحال، ولكن الذي يحكمهم مصلحتهم الشخصية، ومنظومة الفساد الذي تربوا عليه كي يصلوا إلى هذه المراتب في الحكم، وهي هنا إلاههم وما يعبدون، ومن يتوقع منهم غير ذلك فهو إما جاهل، أو واهم، أو مغرض.
ثالثا: وعلى الرغم من أن التعامل مع بعض هؤلاء قد يكون من باب الحاجة الملجئة أحيانا، كما يقع في الاستعانة بهم في بعض الحقوق المدنية المحلية، فلا بد للمسلم أن يوافق واجب الوقت، وواجب الوقت الآن هو نصرة فلسطين، ونصرة المستضعفين، ولا يكون هذا إلا بمقاطعة القتلة والسفاحين، الذين يفعلون ذلك يدا ظاهرة، وكذلك بمقاطعة القتلة والسفاحين الذين يفعلون ذلك يدا خفية.
وجل السياسيين في الكونغرس من هؤلاء، فواجب الوقت نصرة فلسطين بتخذيل هؤلاء وإظهار نفاقهم، لا مساعدتهم في الكذب والتمويه على عموم المسلمين.
رابعا: للأسف ما زلنا هنا نعاني من سوء إدارة المراكز والمؤسسات الإسلامية بسبب عدة عوامل:
– ضعف التربية الدينية الصحيحة.
– ضعف الوعي الاجتماعي والنظر في علم بناء الأمم والحضارات.
– الانهزامية والانسحاق الذي يظهره أهل هذه الإدارات أمام الشخصية الغربية أو المغايرة نتيجة كونهم من المهاجرين في الغالب.
– عقدة محاولة إرضاء السيد الأبيض، ومحاولة التماهي معه بدعوى الاندماج والانخراط.
– عدم محاسبة الجالية الإسلامية لمثل هؤلاء بالعزل والاستبدال، والاكتفاء بالكلام في المجالس ومجموعات السوشيال ميديا.
أما بالنسبة لموضوع السؤال:
فالقدس وفلسطين هما ضمير الأمة، وبهما نحكم على المواقف، وتحصل بهما المفاصلة؛ فمن كان معنا قلبا وقالبا في هذا كنا معه على قدر هذا الشرط، ومن خذلنا وخان سعينا خذلناه أيا كان، ولا ملامة.
فلا يجوز للمسلم فردًا كان أو مركزًا أو مؤسسة أن يدعم أو يزكي أو ينتخب أو حتى يشارك من يساعد القتلة والظلمة الذين يقتلون الرجال والنساء والأطفال ويفسدون في الأرض، بل يتوجب عليه وجوبًا دينيًّا أن يقاطع هؤلاء، وأن يظهر نفاقهم على قدر استطاعته.
وعلى عموم المسلمين نصح الأفراد ومجالس الإدارات بالحسنى، فإن لم تفد معهم سبيلا، فبالتغيير الذي يمنحه القانون، وأضعفه مقاطعة هؤلاء وبيان فساد طريقتهم.
نصر الله أهل فلسطين نصرًا مؤزرًا، وخذل من خذلهم.
المفتي: د خالد نصر