هذه من المسائل التي صارت تعم بها البلوى، ويكثر فيها الكلام بين جهات متنوعة؛ فما بين مانع وهم جمهور الفقهاء قديما وحديثا، وما بين مجيز وهم قلة نادرة، وما بين مجيز بشروط.
والصواب الذي ندين به إلى الله أن الزكاة لها مصارف حددها الله في كتابه، وطبقها النبي عليه الصلاة والسلام في حياته ومن بعده الصحب الكرام والسلف الصالح، وهذه المصارف ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60].
وكل واحد من هذه الأصناف عين تقبل التمليك، وتقبل نقل الملك من المزكي، ولا يوجد في هذه المصارف أغراض كبناء المساجد أو المدارس أو مد الجسور وحفر الآبار وغيرها مما توسع فيه الناس.
وأما اعتماد البعض على التوسع في تفسير سهم (في سبيل الله) وقولهم: إن هذا يشمل كل أبواب الخير، فلا يصح في النظم ولا في الفقه ولا في الواقع العملي.
وذلك للآتي:
١- أن الآية بدأت بأداة الحصر (إنما) وهي مع لام الملك تحدد الأصناف ولا تحتمل الزيادة عليها، لا نوعا ولا دلالة، فالفقراء هم الفقراء المعروفون، ولا يدخل فيهم من ليس بفقير شرعا حتى ولو تسمى بالفقير، فالمتصوفة مثلا يسمون بالفقراء وهذا لا يجعلهم من مستحقي الزكاة بالتسمية، وإنما بحقيقة قيام الفقر.
وكذا لفظ المسكين يطلق على المحتاج، ويطلق على المظلوم المغلوب على أمره، بمقابل المتَجَبِّر، وليس الحال الأخير مجيزًا لأخذ الزكاة حتى تكون المسكنة بمعنى الحاجة.
ومثل ذلك في سهم (سبيل الله) له معنى عام يشمل كل أبواب الخير، وله معنى خاص وهو الجهاد في سبيل الله، وهو ما ينصرف إليه المعنى، بالاستعمال القرآني في نظائره.
٢- أن تفسير (في سبيل الله) توسعا بكل أبواب الخير، يذهب بنظم الآية؛ لأن الفقراء في سبيل الله والمساكين في سبيل الله، ومعاونة أصحاب الغرم في سبيل الله، وفكاك الرقاب في سبيل الله، فكيف يعدد هؤلاء ثم يعطف عليهم قوله (وفي سبيل الله)؟
والأوفق على هذا التفسير أن يقال: إنما الصدقات في سبيل الله، وكفى، وهنا يدخل كل باب من أبواب الخير.
ولا يَحْتَجُّ أحد أن هذا من باب عطف العام على الخاص؛ لأن كلمة (في سبيل الله) متوسطة وليست منتهية في النظم، ونحن لا نقول: أعطيت زيدا والطلاب وعمرًا ، ويكون زيد وعمر طلابا!
و(في سبيل الله) متوسطة بين ما سبق وبين (وابن السبيل)، فدل على أنها نوع وليست جهة.
٣- أن الجهات المذكورة كالمدارس والمؤسسات العامة ليست أهلا للتمليك؛ لأنها غير مكلفة، فهي هيئات اعتبارية وليست شخصيات حقيقية، وهذه ليست أهلا للتملك؛ إذ هي بنفسها مملوكة، فكيف يملك المملوك، فيكون ملكه تابعا لمالكه، وفي هذا تداخل للحق الواحد!
٤- أن النبي عليه الصلاة والسلام والصحب الكرام كانوا في شدة حاجة لبناء المساجد والمؤسسات الدعوية كالمدارس والكتاتيب، وكان هناك فقر وحاجة، ومع ذلك لا نعلم نصا واحدا يقول أنهم استعملوا أموال الزكاة في هذه الأغراض، مع قيام الحاجة وقلة المال، فكيف لنا أن نفعل ذلك، ونحن الآن في سعة من الأرزاق؟!
والرأي:
أن الزكاة المفروضة إنما هي فقط للإنسان وليست للبنيان، ولا تدفع إلا للمصارف المذكورة، وأن سهم (في سبيل الله) يقتصر على الجهاد والمجاهدين، وغاية ما يمكن أن نتوسع فيه أن يشمل من يجاهد قتالا بالسيف ومن يجاهد قتالا بالكلمة لنصرة جهاد السيف.
أما غير ذلك فلا يجوز.
المفتي: د خالد نصر
والصواب الذي ندين به إلى الله أن الزكاة لها مصارف حددها الله في كتابه، وطبقها النبي عليه الصلاة والسلام في حياته ومن بعده الصحب الكرام والسلف الصالح، وهذه المصارف ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60].
وكل واحد من هذه الأصناف عين تقبل التمليك، وتقبل نقل الملك من المزكي، ولا يوجد في هذه المصارف أغراض كبناء المساجد أو المدارس أو مد الجسور وحفر الآبار وغيرها مما توسع فيه الناس.
وأما اعتماد البعض على التوسع في تفسير سهم (في سبيل الله) وقولهم: إن هذا يشمل كل أبواب الخير، فلا يصح في النظم ولا في الفقه ولا في الواقع العملي.
وذلك للآتي:
١- أن الآية بدأت بأداة الحصر (إنما) وهي مع لام الملك تحدد الأصناف ولا تحتمل الزيادة عليها، لا نوعا ولا دلالة، فالفقراء هم الفقراء المعروفون، ولا يدخل فيهم من ليس بفقير شرعا حتى ولو تسمى بالفقير، فالمتصوفة مثلا يسمون بالفقراء وهذا لا يجعلهم من مستحقي الزكاة بالتسمية، وإنما بحقيقة قيام الفقر.
وكذا لفظ المسكين يطلق على المحتاج، ويطلق على المظلوم المغلوب على أمره، بمقابل المتَجَبِّر، وليس الحال الأخير مجيزًا لأخذ الزكاة حتى تكون المسكنة بمعنى الحاجة.
ومثل ذلك في سهم (سبيل الله) له معنى عام يشمل كل أبواب الخير، وله معنى خاص وهو الجهاد في سبيل الله، وهو ما ينصرف إليه المعنى، بالاستعمال القرآني في نظائره.
٢- أن تفسير (في سبيل الله) توسعا بكل أبواب الخير، يذهب بنظم الآية؛ لأن الفقراء في سبيل الله والمساكين في سبيل الله، ومعاونة أصحاب الغرم في سبيل الله، وفكاك الرقاب في سبيل الله، فكيف يعدد هؤلاء ثم يعطف عليهم قوله (وفي سبيل الله)؟
والأوفق على هذا التفسير أن يقال: إنما الصدقات في سبيل الله، وكفى، وهنا يدخل كل باب من أبواب الخير.
ولا يَحْتَجُّ أحد أن هذا من باب عطف العام على الخاص؛ لأن كلمة (في سبيل الله) متوسطة وليست منتهية في النظم، ونحن لا نقول: أعطيت زيدا والطلاب وعمرًا ، ويكون زيد وعمر طلابا!
و(في سبيل الله) متوسطة بين ما سبق وبين (وابن السبيل)، فدل على أنها نوع وليست جهة.
٣- أن الجهات المذكورة كالمدارس والمؤسسات العامة ليست أهلا للتمليك؛ لأنها غير مكلفة، فهي هيئات اعتبارية وليست شخصيات حقيقية، وهذه ليست أهلا للتملك؛ إذ هي بنفسها مملوكة، فكيف يملك المملوك، فيكون ملكه تابعا لمالكه، وفي هذا تداخل للحق الواحد!
٤- أن النبي عليه الصلاة والسلام والصحب الكرام كانوا في شدة حاجة لبناء المساجد والمؤسسات الدعوية كالمدارس والكتاتيب، وكان هناك فقر وحاجة، ومع ذلك لا نعلم نصا واحدا يقول أنهم استعملوا أموال الزكاة في هذه الأغراض، مع قيام الحاجة وقلة المال، فكيف لنا أن نفعل ذلك، ونحن الآن في سعة من الأرزاق؟!
والرأي:
أن الزكاة المفروضة إنما هي فقط للإنسان وليست للبنيان، ولا تدفع إلا للمصارف المذكورة، وأن سهم (في سبيل الله) يقتصر على الجهاد والمجاهدين، وغاية ما يمكن أن نتوسع فيه أن يشمل من يجاهد قتالا بالسيف ومن يجاهد قتالا بالكلمة لنصرة جهاد السيف.
أما غير ذلك فلا يجوز.
المفتي: د خالد نصر