(ف328) هل تجوز الزكاة على أفراد العائلة الفقراء الذين لهم أفكار مخالفة، وأيدوا وأخذوا قرارات من نتيجتها تدهور الحال الاقتصادي في البلاد، وما زالوا على حالهم من التأييد رغم ضنك العيش؟

استحقاق الزكاة يقع عندما يكون المسلم أحد المذكورين في آية الزكاة، وقت إخراج الزكاة، ولا يُسأل الفقيرُ لماذا وقع له الفقر، أو المسافر لماذا خرج من بيته فصار ابن سبيل، فالمزكي لا يتسلط على المستحق من جهة الاستحقاق.
ولكن للمزكي الحق في اختيار من يدفع له زكاته ممن انطبقت عليهم الشروط المذكورة في الآية، فله أن يعطي فقيرًا دون آخر، أو مدينًا دون آخر.
والذي أضاع ماله بسبب قرارات خاطئة، ينظر في حاله؛ فإن أضاعه في حرام كلعب ميسر بغرض الكسب السريع مع قيام الحرمة، فهذا لا يعطى من الزكاة ديانة إلا بعد أن يتوب ويقلع.
ومن أضاع ماله بسبب دخوله في عمل أو مشروع وقع له فيه خسارة، بسبب رعونته، فهذا لا يمنع من الزكاة لأجل الرعونة، إلا أن يكون التفريط منه يجري مجرى العادة، فهذا يمكن للمزكي أن ينصرف عنه لمحتاج آخر أكثر وعيًا واستفادة من مال الزكاة.
ويبقى أننا لا ننظر فقط لحال الفرد، بل نعتبر أيضا من يعول، فلعله من أهل الرعونة ولكن لديه زوجة وأولاد لا ذنب لهم إلا قدر البنوة أو قسمة الزوجية.
والأمر بالجملة يُنْظَرُ في كل حالة على حسبها، وليس فيه قاعدة تطرد.
وأما من يكون مستحقًّا للزكاة ولكنه ينصر ظالما في ظلمه، أو متجبرًا في تجبره، فلا يعطى من الزكاة زجرًا له، وحتى لا تقع الزكاة منه موقع الكفالة فيشتط في تأييد الظلم.
وقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ».
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الزكاة تعم في البر والفاجر، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿‌وَيُطْعِمُونَ ‌الطَّعَامَ ‌عَلَى ‌حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8]. قالوا: وأسير المسلمين يكون كافرًا، وعلى ذلك مُدِحُوا على إطعامه.
فمن باب أولى إطعام أهل المعصية من المسلمين.
ومع أن نص الآية يحتمل العموم في الثلاثة، فهذا يشمل باب الإطعام والحاجة، والأسير وإن كان مشركًا فله حقوق الأسرى ومنها إطعامه، فلا يترك للجوع أو للعطش، بل يأكل ما يقيم أَوَدَهُ؛ لأن حياته مضمونة بحكم الأسر.
والصواب أن يتخير المسلم في زكاته أهل الاستحقاق، ويقدم أهل الطاعة على أهل المعصية، زجرًا لأهل المعصية، وأهل السعي في الخير على سعاة الشر أو من يقوم الشر بهم.
المفتي: د خالد نصر