أولا: ورد النص بتحريم الخنزير في القرآن والسنة وإجماع الأمة المعتبر:
فقد ورد النص في القرآن في أربعة مواضع هي سور البقرة والمائدة والأنعام والنحل.
وفي السنة حديث جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: «لا، هو حرام» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «قاتل الله اليهود، إن الله لَمَّا حرَّم عليهم شحومها أجملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه». [أخرجه البخاري ومسلم] ومعنى (أجملوه): أي أذابوه واستخرجوا دهنه.
ونقل الإجماع على تحريم كل ما يشمله الخنزير جملة من العلماء:
قال ابن حزم: (لا يَحِل أكْل شيء من الخنزير؛ لا لحمه، ولا شحمه، ولا جلده، ولا عصبه، ولا غضروفه، ولا حشوته، ولا مخه، ولا عظمه، ولا رأسه، ولا أطرافه، ولا لبنه، ولا شعره، الذكر والأنثى، والصغير والكبير سواء، ولا يَحِل الانتفاع بشعره لا في خرز ولا غيره).
وقال الفخر الرازي: (أجمعت الأمة الإسلامية على أن الخنزير بجميع أجزائه محرَّم، وإنما ذكر الله تعالى اللحم؛ لأن معظم الانتفاع يتعلق به).
والذي يتعلق بالإضافة في قوله تعالى: ﴿وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ﴾ [البقرة: 173] وقوله تعالى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: 145]. ويعتبر ذلك تخصيصًا، فهو لا يفهم مصارف اللغة، ومنها أن توجه التخصيص بالإضافة قد يكون حقيقيًّا وقد يكون إضافيًّا.
فالحقيقي هو ما كان مقصودا لذاته لا يتعداه إلى غيره، وما كان الاختصاص فيه على حسب الحقيقة، وذلك كقول الله عز وجل: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الرحمن: 17]. فهذه إضافة حقيقية لأنه لا يعلم للجهة رب سواه.
والإضافي: ما كان الاختصاص فيه بسبب الإضافة لشيء معين، ولكنه ليس كل ما فيه كقولنا: (رب القلم) فهنا الإضافة ليست لأنه المالك الوحيد للقلم، بل لأنه برع في الكتابة حتى أضيفت له آلة الكتابة مبالغة، وهذا لا يمنع أن يكون للقلم أرباب آخرون.
وهذا باب مهم لا بد أن يعلم في فهم النصوص.
ونسبة التحريم في الخنزير للحم لأنه أكثر ما يطلب منه لرخص ثمنه وكثرة نسله، فانصرف النص لغالب ما يطلبه الناس منه، ولكن هذا لا يمنع من حرمة غير اللحم بالاستعمال اللغوي كما بينا، وبالنص النبوي وإجماع العلماء.
ثانيا: مسألة الجيلاتين مسألة فيها كلام آخر ، ومختصره:
إن الجيلاتين إما أن يكون من حيوان حلال مذكى كالأبقار مثلا، وهذا لا خلاف فيه.
وإما أن يكون من حيوان محرم أصلا كالخنزير، أو حيوان حلال غير مذكى كالميتة، وهذا النوع هو الذي فيه الاختلاف .
وإذا نظرنا إلى طريقة صنع الجيلاتين الحيواني نجد أنه يمر بمراحل تحول منها:
– تبدأ بعملية غلي الأجزاء المراد استخلاص الجيلاتين منها لمدة ساعات.
– المستخلص السائل يخضع لعملية تصفية (فلترة) لإزالة الحبيبات الصغيرة المتواجدة في سائل الاستخلاص، كما يتم في بعض الأحيان استخدام الكربون المنشط لإزالة الصبغات المتواجدة في محلول الجيلاتين.
– تركيز المنتج باستخدام درجات الحرارة العالية حيث يتم استخدام التبخير بالضغط باستخدام أوعية أو أحواض مناسبة لهذا الغرض، يتم بعدها تجفيف المنتج.
وتعتبر هذه طريقة تسمى الطريقة القاعدية.
وهناك طريقة أخرى تسمى الحامضية ويستعمل فيها حامض الهيدروكلوريك أو السلفوريك أو حامض الفوسفوريك، وتستمر لأيام في عملية الاستخلاص .
وفي كلا الحالتين يقع للمادة الأصلية تحول بحيث لا يمكن إعادتها لحالتها الأولى.
والاستحالة هي كل تفاعل كيميائي يحوّل المادة إلى مركب آخر، فيغير العين أو المادة إلى مادة أخرى مباينة لها في البنية والخصائص والصفات.
واستحالة المواد المحرمة تجعلها حلالا عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والظاهرية وهو اختيار ابن تيمية وغيره.
قال ابن القيم: (ومن الممتنع بقاء حكم الخبيث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودًا أو عدمًا، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا يتناول الزروع والثمار والرماد والملح والخل لا لفظًا ولا معنًى ولا نصًّا ولا قياسًا).
وعلى ذلك: فالجيلاتين بعد مروره بمراحل التصنيع يتحول إلى مادة جديدة لها حكم الحل استصحابًا.
المفتي: د خالد نصر
فقد ورد النص في القرآن في أربعة مواضع هي سور البقرة والمائدة والأنعام والنحل.
وفي السنة حديث جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: «لا، هو حرام» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «قاتل الله اليهود، إن الله لَمَّا حرَّم عليهم شحومها أجملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه». [أخرجه البخاري ومسلم] ومعنى (أجملوه): أي أذابوه واستخرجوا دهنه.
ونقل الإجماع على تحريم كل ما يشمله الخنزير جملة من العلماء:
قال ابن حزم: (لا يَحِل أكْل شيء من الخنزير؛ لا لحمه، ولا شحمه، ولا جلده، ولا عصبه، ولا غضروفه، ولا حشوته، ولا مخه، ولا عظمه، ولا رأسه، ولا أطرافه، ولا لبنه، ولا شعره، الذكر والأنثى، والصغير والكبير سواء، ولا يَحِل الانتفاع بشعره لا في خرز ولا غيره).
وقال الفخر الرازي: (أجمعت الأمة الإسلامية على أن الخنزير بجميع أجزائه محرَّم، وإنما ذكر الله تعالى اللحم؛ لأن معظم الانتفاع يتعلق به).
والذي يتعلق بالإضافة في قوله تعالى: ﴿وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ﴾ [البقرة: 173] وقوله تعالى: ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: 145]. ويعتبر ذلك تخصيصًا، فهو لا يفهم مصارف اللغة، ومنها أن توجه التخصيص بالإضافة قد يكون حقيقيًّا وقد يكون إضافيًّا.
فالحقيقي هو ما كان مقصودا لذاته لا يتعداه إلى غيره، وما كان الاختصاص فيه على حسب الحقيقة، وذلك كقول الله عز وجل: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الرحمن: 17]. فهذه إضافة حقيقية لأنه لا يعلم للجهة رب سواه.
والإضافي: ما كان الاختصاص فيه بسبب الإضافة لشيء معين، ولكنه ليس كل ما فيه كقولنا: (رب القلم) فهنا الإضافة ليست لأنه المالك الوحيد للقلم، بل لأنه برع في الكتابة حتى أضيفت له آلة الكتابة مبالغة، وهذا لا يمنع أن يكون للقلم أرباب آخرون.
وهذا باب مهم لا بد أن يعلم في فهم النصوص.
ونسبة التحريم في الخنزير للحم لأنه أكثر ما يطلب منه لرخص ثمنه وكثرة نسله، فانصرف النص لغالب ما يطلبه الناس منه، ولكن هذا لا يمنع من حرمة غير اللحم بالاستعمال اللغوي كما بينا، وبالنص النبوي وإجماع العلماء.
ثانيا: مسألة الجيلاتين مسألة فيها كلام آخر ، ومختصره:
إن الجيلاتين إما أن يكون من حيوان حلال مذكى كالأبقار مثلا، وهذا لا خلاف فيه.
وإما أن يكون من حيوان محرم أصلا كالخنزير، أو حيوان حلال غير مذكى كالميتة، وهذا النوع هو الذي فيه الاختلاف .
وإذا نظرنا إلى طريقة صنع الجيلاتين الحيواني نجد أنه يمر بمراحل تحول منها:
– تبدأ بعملية غلي الأجزاء المراد استخلاص الجيلاتين منها لمدة ساعات.
– المستخلص السائل يخضع لعملية تصفية (فلترة) لإزالة الحبيبات الصغيرة المتواجدة في سائل الاستخلاص، كما يتم في بعض الأحيان استخدام الكربون المنشط لإزالة الصبغات المتواجدة في محلول الجيلاتين.
– تركيز المنتج باستخدام درجات الحرارة العالية حيث يتم استخدام التبخير بالضغط باستخدام أوعية أو أحواض مناسبة لهذا الغرض، يتم بعدها تجفيف المنتج.
وتعتبر هذه طريقة تسمى الطريقة القاعدية.
وهناك طريقة أخرى تسمى الحامضية ويستعمل فيها حامض الهيدروكلوريك أو السلفوريك أو حامض الفوسفوريك، وتستمر لأيام في عملية الاستخلاص .
وفي كلا الحالتين يقع للمادة الأصلية تحول بحيث لا يمكن إعادتها لحالتها الأولى.
والاستحالة هي كل تفاعل كيميائي يحوّل المادة إلى مركب آخر، فيغير العين أو المادة إلى مادة أخرى مباينة لها في البنية والخصائص والصفات.
واستحالة المواد المحرمة تجعلها حلالا عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والظاهرية وهو اختيار ابن تيمية وغيره.
قال ابن القيم: (ومن الممتنع بقاء حكم الخبيث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودًا أو عدمًا، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا يتناول الزروع والثمار والرماد والملح والخل لا لفظًا ولا معنًى ولا نصًّا ولا قياسًا).
وعلى ذلك: فالجيلاتين بعد مروره بمراحل التصنيع يتحول إلى مادة جديدة لها حكم الحل استصحابًا.
المفتي: د خالد نصر