(ف361) هل المتاجرة في سوق العملات المسمى بسوق (الفوريكس) حلال أم حرام؟ حيث يتم بيع وشراء العملات العالمية أو السلع أو المعادن عبر الإنترنت عن طريق وسيط يسمى (broker) بين المتادول وبين البنوك العالمية؛ مثلا الدولار بالباوند، أو الدولار بالذهب، أو الدولار بالبترول الخ. وأيضا تعتمد على تحليلات وأخبار عن اتجاه العملة إن كانت صعودًا أو نزولا، ويتم عمل صفقة له من هذا الباب، مثل تطبيق ( metatrader).

أولا: تعريف نظام الفوركس وطريقة عمله:
الفوركس (Forex) هو سوق لتداول العملات الأجنبية حيث يمكن للمتداولين شراء وبيع العملات. يُعتبر هذا السوق أكبر الأسواق المالية في العالم من حيث حجم التداول اليومي. يتداول الناس في سوق الفوركس بغرض الربح من فرق الأسعار بين العملات.
وكلمة الفوركس FOREX هي اختصار لكلمتَي Foreign Exchange ومعناهما: صرف العملات الأجنبية
ومن أهم ما يتصف به هذا النظام أنه:
١- يتيح النظام للمتداولين تداول مبالغ أكبر من رأس مالهم الأساسي، مما يزيد من فرص الربح وأيضًا من المخاطر.
٢- بالنسبة للعملات الرئيسة في هذا النظام فتشمل الدولار الأمريكي (USD)، اليورو (EUR)، الين الياباني (JPY)، الجنيه الإسترليني (GBP)، وغيرها.
٣- سوق الفوركس يعمل 24 ساعة في اليوم، خمسة أيام في الأسبوع، ما يجعله مرنًا للمستثمرين حول العالم.
٤- تحليل السوق يعتمد المتداولون على التحليل الفني والتحليل الأساسي لاتخاذ قرارات التداول.
ثانيًا: لنظام الفوركس عدة صورة ولكن أشهرها طريقة المارجن (Margin)
وتكون بأن يدفع العميل مبلغًا من العملات الأجنبية يقوم بإيداعه لدى الوسيط (البنك أو الجهة المضاربة) في حساب الصفقة التي يريد إتمامها، ويقوم الوسيط في المقابل بإضافة مبلغ من العملات لرفع مقدار ذلك الرصيد المُودَع في حسابه.
والغرض من زيادة حساب المودع أو المتداول منع إجمالي حسابه من السقوط إلى حد سلبي في سوق سريعة شديدة التقلب؛ حيث إن الحجم اليومي لتداول العملات في سوق الفوركس يصل إلى 3 ترليون دولار.
ثالثا: عناصر عملية التداول بنظام الفوركس.
١- المستثمر: وهو الشخص الذي يضع ماله بقصد الكسب.
٢- الوسيط: وهو الذي ينوب عن المستثمر في عمليات التداول.
٣- البائع: الذي يبيع ما عنده من عملات.
٤- الممول: الذي يرفع حساب المستثمر.
والعلاقة بين المستثمر وبين الوسيط هي علاقة مضاربة (القراض) حيث يتاجر الوسيط في مال المستثمر بقصد الكسب وبنسبة من المكسب.
والعلاقة بين المستثمر وبين الممول علاقة متداخلة فيها من القرض ومن الوكالة.
والعلاقة بين المستثمر والوسيط من جهة وبين البائع علاقة بيع.
ولذلك لا بد من تحديد هذه العلاقات جيدًا حتى يتحدد الحكم الشرعي في المسألة.
رابعًا: اختلف المحدثون في حكم التبايع بنظام الفوركس، وسبب الاختلاف نابع عن تصور وتصوير العملية.
وبصورة مختصرة جدًّا، من يرى أن نظام التداول بالفوركس هو عينه نظام السمسرة المعروف ولكنه في صورة متطورة عن الصورة التقليدية، وأنه وإن اشتمل على عدة مراحل، فكل واحدة منها جائزة بمفردها.
فمنها عقد السمسرة وهو جائز بشروطه المعروفة إذ يتخرج على بابي الإجارة أو الجعالة في البيوع.
ومنها عملية التمويل وهي كذلك جائزة بشروطها.
ومنها عملية الضمان بالرهن.
ومنها عملية المضاربة.
فهذه الخطوات في تصوير البيع يجعل من بيع الفوركس جائزًا إذا التزم بضوابط كل خطوة.
وهناك من يرى أن تصوير التجزئة بالطريقة السابقة غير صحيح، وأن عملية التداول بنظام الفوركس هي وإن كانت حادثة في صورتها، إلا أنها تجمع معاملات معروفة في الفقه الإسلامي، وهي من المنهي عنه، وحقيقتها أنها بيع وسلف، فالبيع من جهة البيع والشراء لحساب العميل، والسلف بزيادة مال العميل بعملية الإقراض.
وهي صورة منهي عنها لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
وخلاصة ما نراه في هذه المرحلة:
أن هناك فرقًا بين نظام الفوركس ونظام الصرف بصورته الإسلامية، وأننا حتى وإن تجاوزنا عن بعض محل الخلاف في مسألة التمويل بالمنفعة وأنه ليس من باب الربا الممنوع، أقول يبقى نظام الفوركس ممنوعًا للآتي:
١- نسبة الغرر فيه كبيرة بسبب تقلبات السوق العالمية.
٢- صورة الضرر المنفرد بها المستثمر، حيث طبيعة عقد المضاربة الذي يحمل المستثمر خسارة المضاربة مع حجبه من ولاية المال.
٣- الممارسة العملية تشي بصورة المقامرة والمجازفة الشديدة في مثل هذه البيوع وقد نهي المسلم عن إضاعة ماله.
٤- خطورة هذه المعاملات على اقتصاد الدول النامية وذلك بالتلاعب بأسعار عملاتها صعودًا وهبوطًا لصالح اللاعبين الكبار، ما يهدد الاقتصاد المحلي لكثير من دول المسلمين، والقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار، وكذلك وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
ففي هذه المرحلة لا نرى جواز بيع الفوركس في صورته الموصوفة، ويمكن الاكتفاء منه بصورة بيع الصرف فقط، والتي تقتضي غياب عنصر التمويل والمتاجرة في المال المعدوم.
المفتي: د خالد نصر