(ف40) بالنسبة إلى عِدَّةِ الأرملة الشابة والمسنة أي أكبر من ستين عاما، وماذا إذا كانت بمفردها في بيتها، هل يحق لها أن تتنقل بين بيتها وبيت ابنها، وما حكم خروجها للعمل؟ أفيدونا أفادكم الله.

حكم المعتدة من الوفاة:
أولا: نسأل الله أن يتقبل الفقيد ويسكنه واسع جنته وأن يعامله بالفضل لا بالعدل.
ثانيا: اتفق الأئمة الأعلام على أن المرأة التي توفي عنها زوجها تعتد عليه وذلك بنص القرآن والسنة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن توفي عنها زوجها: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي أَتَاكِ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم].
ثالثا: تختلف عدة المتوفى عنها زوجها باختلاف حالها؛ فغير الحامل عدتها أربعة أشهر وعشرا، والحامل المتوفى عنها زوجها عدتها وضع الحمل وإن كان بعد أيَّام، وهذا ما عليه الأئمة الأربعة، ودليله ما رواه البخاري وغيره عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ وَهْوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهْيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لَهَا مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ فَإِنَّكِ وَاللهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي».
رابعًا: يلزم المعتدة المكث في البيت إلا لضرورة وتجنب أنواع الزينة من عطر وكحل وما في معناهما. كذلك لا تلبس المزركش ولا تظهر الفرح وفاء لعهد المتوفى.
خامسًا: للمعتدة أن تخرج لعملها ولحوائجها الخاصة كشراء الأكل والشرب وطلب العلاج، وذلك لما روى مسلم من حديث جابر قال: « طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا ».
سادسًا: للمرأة أن تعتد في بيت زوجها وهذا هو الأصل، ولها أن تعتد في بيت آخر إن كان هناك سبب مثل الأمن أو وقوع الوحشة في بيت الزوجية أو لطلب المكث مع الأهل أو انتهاء الإجارة بموت الزوج، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لفاطمة بنت أبي حبيش أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وكان من أقربائها لما اختلفت مع أهل زوجها. هذا والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر