(ف412) امرأة مات زوجها، فهل يلزمها البقاء في بيتها مدة العدة؟ وهل هناك خلاف بين الفقهاء في هذا؟ وما حدود الأماكن التي يمكنها الخروج إليها؟ هل يمكن أن تذهب لبيت أبيها أو أختها مثلا؟ وأخيرًا هل هناك موانع لأن يزورها أحد في بيتها؟

أولا: عدة المتوفى عنها زوجها مذكورة بنص القرآن في قوله تعالى: ﴿‌وَالَّذِينَ ‌يُتَوَفَّوْنَ ‌مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234].
وهذه المدة تحتسب بالأشهر القمرية ولو نقصت أيام بعضها عن ثلاثين يومًا إذا كانت الوفاة قد حدثت في أول جزء من الشهر، أما إذا كانت الوفاة قد حدثت بعد مضي جزء من الشهر فإنها تحتسب بالأيام مائة وثلاثين يومًا كاملة، وهذا عند أبي حنيفة، وقال الصاحبان: تحتسب الأشهر الثلاثة المتوسطة بالأهلة، أما الشهر الأول الناقص فتكمل أيامه من الأخير ثلاثين يومًا ثم يزاد عليه عشرة أيام كاملة.
ويستوي في هذه العدة المدخول بها وغير المدخول بها، وكذلك يستوي الحائض من النساء ومن انقطع عنها الحيض كالقواعد.
ثانيا: ما يمتنع على المعتدة:
١- يمتنع عليها لبس الزينة الظاهرة ومنها وضع المساحيق ولبس الحلي.
٢- يمتنع عليها لبس ملابس فيها ألوان الزينة أو فيها بهرجة كملابس الأعراس والمناسبات السعيدة.
٣- يمتنع عليها تلقي عروض الزواج، أو الخطبة.
ثالثا: خروج المرأة في فترة العدة:
يخطئ البعض بمنع المرأة من الخروج وكأن العدة سجن لها في بيت العدة.
والصواب أنه يجوز الخروج ولكن للضرورة وللحاجة، وليس الخروج التحسيني.
فمن الخروج الجائز:
– الخروج للعمل، ودليله ما جاء في مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: «بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا».
– ⁠والخروج لقضاء الحاجات كالتسوق.
– ⁠والخروج للمسجد سواء لصلاة الجماعة أو الجمعة.
– ⁠والخروج لجنازة قريب أو عزيز.
– ⁠والخروج لمناسبة لا يحسن ألا تكون فيها كزيارة مريض أو أب أو أم.
قال سيدنا الكاساني: (ولا بأس بأن تخرج نهارًا في حوائجها؛ لأنها تحتاج إلى الخروج بالنهار لاكتساب ما تنفقه؛ لأنه لا نفقة لها من الزوج المتوفى، بل نفقتها عليها؛ فتحتاج إلى الخروج لتحصيل النفقة، ولا تخرج بالليل؛ لعدم الحاجة إلى الخروج بالليل).
وقال الحطاب من المالكية: (ولا يُمْنَعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كُنَّ معتداتٍ، وإلى المسجد، وإنما يُمْنَعْنَ من التبرج والتكشف والتطيب للخروج والتزين).
بل أجاز لها الشافعية أن تخرج لتسمر عند جارتها أو قريبة لها في أثناء العدة، قال الخطيب: (ولها الخروج في عدة وفاة -وكذا بائن- في النهار لشراء طعامٍ وغزلٍ ونحوه، وكذا ليلًا إلى دارِ جارةٍ لغَزْلٍ وحديثٍ ونحوهما، بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها).
وكما يجوز لها الخروج يجوز لها أن تستقبل الأضياف في بيتها للتعزية أو للزيارة أو للسلوى، بشرط وجود المحرم، والالتزام بآداب الزيارة، وانتفاء الخلوة بالأجانب من الرجال.
المفتي: د خالد نصر