(ف48) سؤالي عن ال vanilla extract الموجودة في منتجات الآيس كريم و الكيك. ما حكم الشرع فيها؟ هل من الممكن تناول الآيس كريم الذي يحتويها من ضمن المقادير؟ ?

أولًا: الأصل في الڤانيلا أنها نبات من النباتات المتسلقة لها بذور صغيرة تستعمل بطريقة خاصة في إعطاء نكهة للمواد الغذائية، وطريقة تحضيرها تحتاج نقعها في الماء والكحول، ومن ثم استعمالها في الآيس كريم والشوكولاتة وغيرهما.
ثانيًا: اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في نجاسة الخمر مع اتفاق الجميع على التحريم
وآراؤهم كالآتي:
١- الأول رأي الجمهور أن الخمر نجسة العين ولا يجوز خلطها بالطعام أو الدواء أو غيرهما، واستدل هؤلاء بظاهر القرآن وبعض السنة:
– {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: 90]، والرجس نجس على قولهم.
– {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: 145] أي: نجس.
– واستدلوا بما رواه البخاري عن أبي ثعلبة الخشني، قال: قلت يا نبي الله، إنَّا بأرض قوم من أهل الكتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد أصيد بقوسي، وبكلبي الذي ليس بمعلَّم، وبكلبي المعلم، فما يصلح لي؟ قال: «أما ما ذكرت من أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرتَ اسم الله، فكُلْ، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله، فكل، وما صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذكاته، فكل».
فقوله: فاغسلوها لأنهم يستعملونها في المحرم مثل شرب الخمر وأكل الخنزير.
٢- الرأي الثاني أنها طاهرة العين وإن كانت محرمة في الحكم كالسم طاهر العين محرم الاستعمال، وهذا رأي ربيعة والليث بن سعد والمزني وبعض الشافعية وغيرهم واختاره الشيخ ابن عثيمين من علماء الحرمين.
واستدلوا لهذا بما ورد أنه لما نزل تحريم الخمر أمرهم بسكبها في الطرقات ولو كانت نجسة لما أراقها في الطريق، وهو الذي نهى عن التبول في الطرقات لنجاسة البول.
وكذلك لأنه لم يأمر الصحابي صاحب الرواية أن يغسلها من الخمر، وإنما أمره بإراقتها فقط، ولو كانت نجسة لفعل إذ القاعدة: أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
والذي نختاره هو الرأي الثاني وأن الخمر محرمة غير نجسة العين لتوجه الدليل إليه.
ثالثًا: خلط بعض المواد الغذائية بالكحول، وهذا فرع عن تصور الطهارة والنجاسة، فمن رأى أن الكحول نجس العين منع من استعمال ما اختلط به طعامًا أو دواء أو عطرًا. ومن لم ير نجاسة العين نظر إلى المقدار المستعمل؛ فإن كان كثيرًا بحيث يغلب على المادة أو أدى إلى الإسكار بالأكل فهذا النوع محرم أيضًا.
وأما إن كان قليلا لا يؤثر في أصل المادة المصنعة، ولا يغلب عليها فقد ذهب بعض الفقهاء إلى جوازه ومنهم بعض علماء الأزهر وبعض المجامع الفقهية، لا سيما إن تعلق بالدواء، ومنها فتوى مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في الاأردن ١٤٠٧-١٩٨٦ وقد أجاز استعمال الدواء وإن احتوى على نسبة تصل ٢٥٪‏ من الكحوليات، ومنهم الشيخ ابن عثيمين من علماء الحرم، وغيرهم كثير.
والذي نختاره أن أكل الأغذية التي تحوي على الڤانيلا إكستراكت جائز بالوصف السابق لأن النسبة قليلة ولا تؤدي إلى الإسكار مع اعتبار أننا ننصر مذهب أن الخمر طاهرة العين مع كونها محرمة، وهو مذهب بعض المالكية والمزني من الشافعية والظاهرية والليث وربيعة واختاره الشوكاني وصديق حسن خان والصنعاني والشيخ رشيد رضا والشيخ شاكر وسيد الدنيا في القرن الماضي سيدنا الأجل الطاهر بن عاشور والدكتور القرضاوي والدكتور نزيه حمّاد وغيرهم الكثير.
هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر