(ف64) كيف تقرأ عدية يس لقضاء الحاجة وهل هذه القراءة من السنة أم هي بدعة؟

أقول ومن الله التسديد:
أولًا: ورد في فضل سورة يس أحاديث بعضها صحيح على ما قرره بعض الرواة وبعضها ضعيف ولعله يتقوى بما ورد، فمن ذلك: -قول النبى صلى الله عليه وسلم: «قَلْبُ الْقُرْآنِ يس، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ، اقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ» [رواه أحمد والنسائى وأبو داود والحاكم وصححه].
– ومنها قوله صلى الله عليه وسلم إن صح: «مَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ » رواه الترمذى وقال: حديث غريب. ( الغريب هو ما تفرد بروايته الواحد، وهذا وصف للرواية وليس حكما على الحديث ويقابله العزيز والمشهور).
– ومنها ما رواه الدارمي وأبو يعلى والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب وابن حبان وابن السني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ غُفِرَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ».
-وعن ابن عباس: “من قرأ يس حين يصبح أعطى يُسْرَ يومه حتى يمسي، ومن قرأها في صدر ليلة أعطي يسر ليلته حتى يصبح”.
ثانيًا: إن الله سبحانه وتعالى علمنا أدعية في كتابه وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام علمنا أدعية وهي أفضل ما يذكره المسلم لقضاء حوائجه، ومع ذلك لا يمنع الشرع من الدعاء والتوجه بما ورد أيضا عن الصالحين المجربين، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد، أنه دعا فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي». ففي هذا الدعاء نص على أننا نسأل الله :
١- ما سمى به نفسه.
٢- ما أنزله في الكتاب.
٣- ما علمه أحد من الخلق، وهذا عام يشمل الأنبياء وغيرهم من الصالحين.
٤- أن يدعو بعموم ما غاب عنا من الأسماء.
بل لا يمنع الشرع من الدعاء بما جربه كل واحد منا ووجد فيه استجابة، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَلْيَدْعُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ». رواه البخاري والنسائي. فكلمة «يتخير» تدل على فعل الداعي.
وعليه: فالدعاء بما لم يرد في السنة جائز لعموم لفظ الدعاء ولعموم لفظ الوسيلة بشرط ألا ينطوي على محرم أو ممنوع.
ثالثًا: أما ما يخص عدية يس فهذا شيء لم يرد في السنة، وإنما هو فعل بعض الناس جلبًا لمنفعة أو دفعًا لمضرة، والأمر على التفصيل الآتي:
أما قراءة السورة وترديد أو إعادة بعض الآيات مثل: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9]، أو: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]. فهذا سمعناه وتعلمناه من بعض المشايخ، ولنا فيه تجربة خاصة، وهو مما لاقى القبول، ولا يخالف أصلًا ولا فرعًا، وإنما هو من مطلق القراءة والتبرك بالعمل الصالح، ولكن شرطه ألا يعتقد فاعله أنه من الواجبات أو مما ورد فيلحقه بالمسنون، أو يعتقد حتم وقوع المطلوب به، فهذا كله من باب الوسيلة والدعاء وهي بيد الله إن شاء أجاز وإن شاء منع.
رابعًا: أما تَوَسُّع الناس وإحداث تراتيب تقرأ قبل يس وبعدها وجعل ذلك نوعًا من القربة، فهذا من البدع المحدثة. والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر