أولًا: حرم الإسلام تحريمًا قطعيًّا قتل المسلم نفسه، وجعل ذلك من الكبائر، بل نهى أيضا عما قد يؤدي إلى قتل النفس؛ قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}[النساء: 29]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: 195].
ومثل ذلك في السنة، ومنه ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهْوَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسَمُّهُ فِى يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا».
وأيضًا ما روياه عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
ثانيا: حكم الصلاة على المنتحر والدعاء له:
– جمهور الفقهاء من المذاهب يذهبون إلى جواز الصلاة على المنتحر والدعاء له؛ لأنه وإن كان مرتكبا كبيرة إلا أنه لا يكفر بها شأن سائر الكبائر، واستدل هؤلاء باستصحاب حكم الأصل وهو الإسلام، وكذلك لأن النبي سمح للصحابة أن يصلوا على المنتحر، وكذلك ما رواه مسلم من حديث جابر أنه قال: فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَمَرِضَ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ. فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ». والمشاقص سهام عراض.
قال ابن عابدين من أئمة مذهبنا في حاشيته: “من قتل نفسه ولو عمدًا يُغَسَّل ويُصَلَّى عليه, به يُفْتَى. لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد، وإن كان باغيًا على نفسه كسائر فساق المسلمين، وإن كان أعظم وزرًا من قاتل غيره”.
– ذهب الحنابلة إلى أن المنتحر يُصلى عليه ولكن لا يصلي عليه الإمام وإنما يصلي عليه عامة المسلمين، واستدلوا بفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة: “أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه”. وروى أبو داود أن رجلا انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره عن رجل قد مات قال: «وَمَا يُدْرِيكَ؟» قال: رأيته ينحر نفسه، قال: «أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟» قال: نعم. قال: «إِذَنْ لَا أُصَلِّي عَلَيْهِ».
وقالوا: أَذِنَ النبي لهم بالصلاة ولم يصلِّ هو لأنه الإمام. ورد الجمهور أن عدم صلاة النبي من خصائصه وأنها جاءت زجرا لا حكما.
والذي نفتي به هو رأي الحنابلة لتوجه الدليل إليه.
ثالثًا: لا بد من النظر في أسباب الانتحار وعدم اعتبارها صورة واحدة؛ فمن قتل نفسه بسبب الاكتئاب مثلا يختلف عمن قتل نفسه بطرا، وكذا من يلحق بالمكتئب كمن يتعرض لمظالم لا يستطيع احتمالها فهؤلاء وإن كانوا من المسيئين فلا يقاسون على من انتحر بطرًا. هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
ومثل ذلك في السنة، ومنه ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهْوَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسَمُّهُ فِى يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا».
وأيضًا ما روياه عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
ثانيا: حكم الصلاة على المنتحر والدعاء له:
– جمهور الفقهاء من المذاهب يذهبون إلى جواز الصلاة على المنتحر والدعاء له؛ لأنه وإن كان مرتكبا كبيرة إلا أنه لا يكفر بها شأن سائر الكبائر، واستدل هؤلاء باستصحاب حكم الأصل وهو الإسلام، وكذلك لأن النبي سمح للصحابة أن يصلوا على المنتحر، وكذلك ما رواه مسلم من حديث جابر أنه قال: فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَمَرِضَ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ. فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ». والمشاقص سهام عراض.
قال ابن عابدين من أئمة مذهبنا في حاشيته: “من قتل نفسه ولو عمدًا يُغَسَّل ويُصَلَّى عليه, به يُفْتَى. لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد، وإن كان باغيًا على نفسه كسائر فساق المسلمين، وإن كان أعظم وزرًا من قاتل غيره”.
– ذهب الحنابلة إلى أن المنتحر يُصلى عليه ولكن لا يصلي عليه الإمام وإنما يصلي عليه عامة المسلمين، واستدلوا بفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أخرج مسلم من حديث جابر بن سمرة: “أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه”. وروى أبو داود أن رجلا انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره عن رجل قد مات قال: «وَمَا يُدْرِيكَ؟» قال: رأيته ينحر نفسه، قال: «أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟» قال: نعم. قال: «إِذَنْ لَا أُصَلِّي عَلَيْهِ».
وقالوا: أَذِنَ النبي لهم بالصلاة ولم يصلِّ هو لأنه الإمام. ورد الجمهور أن عدم صلاة النبي من خصائصه وأنها جاءت زجرا لا حكما.
والذي نفتي به هو رأي الحنابلة لتوجه الدليل إليه.
ثالثًا: لا بد من النظر في أسباب الانتحار وعدم اعتبارها صورة واحدة؛ فمن قتل نفسه بسبب الاكتئاب مثلا يختلف عمن قتل نفسه بطرا، وكذا من يلحق بالمكتئب كمن يتعرض لمظالم لا يستطيع احتمالها فهؤلاء وإن كانوا من المسيئين فلا يقاسون على من انتحر بطرًا. هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر