(ف80) هل يمكن القول أن كل أحاديث القراءة تتطلب تحريك الشفتين من أجل تمام الأجر مثل حديث من قرأ حرفا من كتاب الله أو من قرأ سورة الملك قبل أن ينام وما شابه ذلك؟

الناس في الذكر عامة أربعة أنواع:
الأول: من يذكر بقلبه ولسانه، وهذا غاية الثواب والأجر وهو ما تتعلق به الأحكام الشرعية والتكليفات.
الثاني: ذكر القلب فقط وهو التدبر، ويثاب المرء عليه قدر تدبره إلا أنه لا يتعلق به حكم.
الثالث: ذكر اللسان فقط، وهو وإن كان يتعلق به الحكم إلا أنه لا يقتضي حصول الأجر والثواب كاملا، إلا أنه يسقط المطالبة بالفعل، وقد روي مرسلا: (لا يَقبل الله من عبد عملًا حتى يَشهد قلبه مع بَدَنِه) وروي مرسلا أيضا: (ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل).
الرابع: ترك الاثنين، وهذا يخلف معيشة ضنكًا وحشر أعمى.
وعليه فكل ما ورد في القرآن والسنة من طلب القراءة وجوبًا أو ندبًا فالمقصود به المعنى الأول، وهو قراءة اللسان وتدبر القلب، وتسقط المطالبة بقراءة اللسان فقط.
أما قراءة القلب فلا تصح في إسقاط المطالبة إلا ممن عجز عن إعمال لسانه كالمشلول ومقطوع اللسان ومن في حكمهما؛ قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق: 1]. وقال تعالى: { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}[النمل: 90-91].وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به».
وكل هذا لا يقع على قراءة القلب ولا يحتمل.
المفتي: د خالد نصر