أولًا: الصدقة:
هي اسم جامع لكل ما يبذله الإنسان في أبواب الخير مساعدة لمحتاج وطلبًا لرضى الله، فيدخل فيها ما يبذله على سبيل الوجوب كالزكاة المفروضة وما يبذله تطوعًا كالإحسان إلى الأيتام، فالصدقة اسم عام للمفروض والمندوب، قال تعالى: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا….}[التوبة: 60]. وذكر في الآية أصناف الزكاة الثمانية، وهي واجبة على المكلف الذي بلغ ماله نصابًا خاليًا من الطلب.
– والصدقة تكون في الأمور المادية كالصدقة بالمال والطعام والملبس، وتكون في الأمور المعنوية كالأخلاق الحسنة، قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن حبان.
– كذلك الصدقة تكون فيما ينفع الآخرين كما ورد سابقا كالزكاة ومساعدة المحتاج، وتقع أيضا فيما ينفع الفاعل، وهو ما ورد في الحديث الشريف الذي رواه أحمد في المسند وابن حبان في الصحيح عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي بِضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ يَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ».
– والصدقة تكون خفية وتكون جهرة، قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: 271]. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله…» وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
– والصدقة من حيث الثواب إما منقطعة وإما جارية؛ فالمنقطعة هي التي يثاب فاعلها على فعلها مرة صغر الثواب أم عظم، وأما الجارية فهي التي يستمر ثوابها مدة دوامها وذلك كالأوقاف وصدقة التعليم وغيرها.
ثانيًا: القرض الحسن:
-هو مركب من صفة وموصوف: أما القرض فهو: ما تعطيه غيرَك من مالٍ على أَن يرُدَّه إِليك، والقَرْضُ أيضا: ما يُقَدَّمُ من عملٍ يُلتمس عليه الجزاء.
– والقرض قد يكون في العين وقد يكون في الدَّيْن، فإن كان في العين سميناه عارية، وذلك أن تقرض غيرك كتابًا أو آلة على أن يستعملها ويردها إليك، وهو هنا مطالب برد ذات العين فإن أفسدها فعليه الضمان، وإن كان في الدَّيْن (الأموال) فيرد القيمة دون العين، فإن أعطيته مائة ردها مائة أيا كانت.
والقرض يكون على نية الاسترجاع وتندب فيه الكتابة والإشهاد لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: 282]. ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم في مستدركه وصححه، عن أبي موسى الأشعري قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللهَ، فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ أَعْطَى سَفِيهًا مَالَهُ، وقد قال عزّ وجل: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}[النساء: 5]».
– أما إضافة الحسن إلى القرض فيلزم منها:
١ – أن يكون القرض خاليا من الربا والزيادة.
٢- أن يكون خاليا من المن والأذى.
فإن نوى به صاحبه الثواب يزيد شرطا آخر وهو :
٣- أن يكون خالصا لله لا طلبا للرياء والسمعة.
– وإضافة القرض إلى الله في قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[البقرة: 245] اختلف العلماء فيها هل اللفظ على الحقيقة أم على المجاز؟ فمن قال على الحقيقة نظر إلى أن المقرض ينتظر الثواب في المقابل فكما حق على المقترض الأداء حق على الله الإثابة والجزاء، ومن نظر إلى أن المال مال الله اعتبر أن الله يأخذ من ماله وإنما نسبه للإنسان تشريفًا ورفعة ويكون الإقراض هنا مجازيًّا.
وقد اخْتُلِفَ في أيهما أفضل: الصدقة أم الإقراض وورد في فضل كل واحد على الآخر حديث:
– فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَةٍ مَرَّةً». رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه. هذا يدل على فضل الصدقة.
– وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصدقةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، والقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فقلتُ: يا جبريلُ مَا بَالُ القرضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قال: لأنَّ السائلَ يسألُ وعندَه، وَالمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ». رواه ابن ماجه والبيهقي. وهذا يدل على فضل الإقراض.
هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر
هي اسم جامع لكل ما يبذله الإنسان في أبواب الخير مساعدة لمحتاج وطلبًا لرضى الله، فيدخل فيها ما يبذله على سبيل الوجوب كالزكاة المفروضة وما يبذله تطوعًا كالإحسان إلى الأيتام، فالصدقة اسم عام للمفروض والمندوب، قال تعالى: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا….}[التوبة: 60]. وذكر في الآية أصناف الزكاة الثمانية، وهي واجبة على المكلف الذي بلغ ماله نصابًا خاليًا من الطلب.
– والصدقة تكون في الأمور المادية كالصدقة بالمال والطعام والملبس، وتكون في الأمور المعنوية كالأخلاق الحسنة، قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن حبان.
– كذلك الصدقة تكون فيما ينفع الآخرين كما ورد سابقا كالزكاة ومساعدة المحتاج، وتقع أيضا فيما ينفع الفاعل، وهو ما ورد في الحديث الشريف الذي رواه أحمد في المسند وابن حبان في الصحيح عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي بِضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ يَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ».
– والصدقة تكون خفية وتكون جهرة، قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: 271]. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله…» وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
– والصدقة من حيث الثواب إما منقطعة وإما جارية؛ فالمنقطعة هي التي يثاب فاعلها على فعلها مرة صغر الثواب أم عظم، وأما الجارية فهي التي يستمر ثوابها مدة دوامها وذلك كالأوقاف وصدقة التعليم وغيرها.
ثانيًا: القرض الحسن:
-هو مركب من صفة وموصوف: أما القرض فهو: ما تعطيه غيرَك من مالٍ على أَن يرُدَّه إِليك، والقَرْضُ أيضا: ما يُقَدَّمُ من عملٍ يُلتمس عليه الجزاء.
– والقرض قد يكون في العين وقد يكون في الدَّيْن، فإن كان في العين سميناه عارية، وذلك أن تقرض غيرك كتابًا أو آلة على أن يستعملها ويردها إليك، وهو هنا مطالب برد ذات العين فإن أفسدها فعليه الضمان، وإن كان في الدَّيْن (الأموال) فيرد القيمة دون العين، فإن أعطيته مائة ردها مائة أيا كانت.
والقرض يكون على نية الاسترجاع وتندب فيه الكتابة والإشهاد لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: 282]. ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم في مستدركه وصححه، عن أبي موسى الأشعري قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللهَ، فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، وَرَجُلٌ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ أَعْطَى سَفِيهًا مَالَهُ، وقد قال عزّ وجل: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}[النساء: 5]».
– أما إضافة الحسن إلى القرض فيلزم منها:
١ – أن يكون القرض خاليا من الربا والزيادة.
٢- أن يكون خاليا من المن والأذى.
فإن نوى به صاحبه الثواب يزيد شرطا آخر وهو :
٣- أن يكون خالصا لله لا طلبا للرياء والسمعة.
– وإضافة القرض إلى الله في قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[البقرة: 245] اختلف العلماء فيها هل اللفظ على الحقيقة أم على المجاز؟ فمن قال على الحقيقة نظر إلى أن المقرض ينتظر الثواب في المقابل فكما حق على المقترض الأداء حق على الله الإثابة والجزاء، ومن نظر إلى أن المال مال الله اعتبر أن الله يأخذ من ماله وإنما نسبه للإنسان تشريفًا ورفعة ويكون الإقراض هنا مجازيًّا.
وقد اخْتُلِفَ في أيهما أفضل: الصدقة أم الإقراض وورد في فضل كل واحد على الآخر حديث:
– فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَةٍ مَرَّةً». رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه. هذا يدل على فضل الصدقة.
– وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصدقةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، والقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فقلتُ: يا جبريلُ مَا بَالُ القرضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قال: لأنَّ السائلَ يسألُ وعندَه، وَالمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ». رواه ابن ماجه والبيهقي. وهذا يدل على فضل الإقراض.
هذا، والله أعلم.
المفتي: د خالد نصر