(ف85) ما هو الحد الأدنى من عدد الآيات التي يجب تلاوتها بعد سورة الفاتحة في صلاة الفرض؟

أولا: الأصل في قراءة القرآن الكريم هو قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ }[المزمل: 20] فالأمر جاء بالعموم وعلى قدر ما يتيسر لحال المصلي والقارئ.
ثانيا : كلمات القرآن وجمله أنواع: نوع يشتبه به كلام الناس مثل (اقرأ) (كلوا واشربوا)، ونوع يمثل كلمات مفردة لا يظهر معناها قرآنا بغير تلاوتها مع غيرها، ومنها الحروف المقطعة في أوائل السور، وقوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ}[الرحمن: 64]. ونوع اشتهر على الألسن حتى اختلط به كلام الناس واستعمالهم ومنه قوله تعالى: { ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}[طه: 40]، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: 164]، {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}[النور: 39]، { الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[البقرة: 275]، { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}[الحج: 31]. ونوع لا يشتبه به غيره ويمثله الآيات الطويلة نسبيا، أو القصيرة التي لا تشتبه بكلام الناس مثل: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر: 1] فالعطية لم تُعْطَ لغيره؛ لأنه نهر مخصوص له ولا نظير له في الدنيا، ومنه: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: 2] بدلالة الإشارة والنسق.
ثالثا: اختلف السادة الأئمة في أقل ما تقع به القراءة في الصلاة؛ فذهب الجمهور من الأحناف والشافعية والحنابلة إلى أن أقل ما تقع به القراءة هو آية كاملة، قال الأحناف: يقرأ آية بقدر أقل سورة في القرآن وهي سورة الكوثر.
وذهب المالكية إلى أن الصلاة تصح بقراء آية أو أقل من الآية إذا كان لها معنى مستقل مفهوم.
والذي أرجحه أن الصلاة تصح بقراءة النوع الثالث من التقسيم السابق؛ آية كان أو بعض آية، ولا تصح بالنوعين الأولين لاشتباه القراءة باستعمال الناس، ولأن الأصل في القرآن أن يكون له معنى قائم بذاته، ولذلك لا تجوز القراءة بتفسير القرآن، وإن كان فيه قرآن على رأي الجمهور.
فمن قرأ ثلث آية الدين صحت صلاته، ومن قرأ من آية الكرسي إلى قوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}[البقرة: 255] صحت صلاته وقراءته لعدم اشتباهه بغيره مع كون المقروء ليس آية كاملة، وبالمقابل من قرأ: {ثُمَّ نَظَرَ}[المدثر: 21] فلا تصح منه قراءة لأنها تشتبه بكلام الناس.
وهذا اجتهادنا في المسألة.
المفتي: د خالد نصر