(ع13) هل يصح أن يطلق على النصرانية أو اليهودية لفظ دين أم هي شريعة، والدين هو الإسلام؟ من منطلق الآية الكريمة: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: 19].

الدين هو ما يذهب إليه الإنسان ويعتقد أنه يقربه إلى الله إن كان مسلما أو يقربه إلى ما يعبد إن كان غير ذلك، وإن لم يكن فيه شرائع.
أما الشريعة فهي أخص وهي مجموعة الأحكام التي تحدد العلاقات الثلاث: علاقة المعبود بمعبوده، وعلاقة الإنسان مع نفسه، وعلاقة الناس بعضهم ببعض تجويزا وإباحة ومنعا.
فالدين لفظ عام يعكس المعتقد وهو في كل الأمم والأماكن والأزمان: قال تعالى: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة: 132] فسماه دينًا. وقال تعالى: { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}[النساء: 46] وهذا في شأن اليهود فسماه دينًا. وقال تعالى: { دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[يونس: 22] وهذا حال الذي يعبد الله على حال السلامة، فسماه دينًا. وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[العنكبوت: 65] فسماه دينًا. وقال في وصف أهل الكتاب: { قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[المائدة: 77] فسماه دينًا. ونقل عنهم قولهم: { وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ}[آل عمران: 73]. بل نقل القرآن هذا عن فرعون: { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر: 26] فسماه دينًا. وقال تعالى في سورة الكافرون: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: 6].
وعليه فالدين هو المعتقد، ولا يمتنع التسمية به لكل معتقد سواءً كان صحيحًا أم باطلا كما ورد في النصوص السابقة.
والشريعة كذلك هي مجموعة الأحكام المقننة لدين معين، فهناك الشريعة الإسلامية والشريعة اليهودية والشريعة المسيحية، قال تعالى: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: 48]. أما قوله تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: 19] فهو نوع من التوكيد بالجملة الاسمية على أن الدين الصحيح المقبول عند الله هو الإسلام، فلا يقبل غيره بعد ظهوره، وهذه الآية ناسخة للأديان السماوية السابقة من جهة التعبد لا من جهة الوجادة، فالوجادة لا تنسخ بحال. كما نسخ الإسلام أعمال الشرك حول البيت من جهة التعبد لا من جهة الوجادة؛ لأن الوجادة سابقة على النسخ.
والخلاصة أن كلمة الدين تشير إلى المعتقد صوابا كان أو خطأ، والشريعة تشير إلى مجموع الأحكام إسلامية كانت أو غيرها. ولكن يبقى أن لفظ الدين عند أهل كل ملة هو عام دخله التخصيص، فهو عندنا عام في كل دين إلا أنه إذا أطلق قصد به الإسلام. وكذلك لفظ الشريعة عام دخله التخصيص.
المفتي: د خالد نصر