أولا: هداك الله إلى الصواب، هناك أسئلة لا فائدة منها، ومنها أسئلة الغيبيات ، كمكان الجنة والنار ، وحقيقة الوحي ، والملائكة ، وكذلك من الأسئلة التي لا فائدة منها كثيرة ترجى ، أسئلة الصفات العلية ، وعلى رأسها الكلام في الهيئة والماهية والجوهر.
والسبب في ذلك هو قصور العقل البشري المخلوق عن إدراك المطلق، فالمحدود لا يتصور المطلق ، فالعين محدودة ولا ترى إلا الأمام المتاح ، مع قيام غير الأمام وإمكانية رؤيته ، ولكنه امتنع لمحدودية الآلة.
وكذا العقل مع الذات العلية ، فالذات قائمة ولكن الآلة عاجزة .
ثانيا : في باب الذات العلية هناك نص عام يحدد العلاقة بين المتصور ( بكسر الواو ) وبين المتصور ( بفتح الواو ) وهذا النص يحل كل إشكال ، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فهذه القاعدة تجعل من الذات الإلهية ماهية مختلفة تماما عما نعرفه نحن ، فالله لا يشبهنا في الصورة، ولا يمكن أن نشبهه في الصورة ، لا ذاتا ولا صفات؛ لأن ذاتنا قائمة على المحدودية والتبعية للمتشيئ ، وصفاتنا قائمة على النقصان ، والله جل عن كل ذلك فليس كمثله شيء.
ثالثا : جواب سؤال: أين الله؟ فرع عن معرفة كلمة ( أين ) ، وهي لها عدة استعمالات في اللغة:
١- ظرف مكان يأتي للاستفهام مبني على الفتح، وتدخل عليه (مِنْ)، و (إلى) من حروف الجرّ :-أين كنت أمس؟ – إلى أين تذهب؟ – من أين حضرت؟ ومنه قوله تعالى: { يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ } [القيامة: 10]
2 – ظرف مكان لبيان بُعد المكان أو المكانة :-أين الثرى من الثريَّا! – أين هو منك! .
3 – ظرف مكان للشَّرط يجزم فعلين وتُزاد بعده (ما) فلا تكفّه عن العمل :-أينما يكثر ماء الأنهار تكثر زراعة الفاكهة، ومنه قوله تعالى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] .
فالرابط بين هذه الاستعمالات هو السؤال عن المكان.
والمكان: هو الموضع وهو المنزلة ، فهو في الأول حقيقة وفي الثاني مجاز.
نقول: مكان الاجتماع، للإشارة للموضع، ونقول: مكاني من قلبك أو في قلبك، للدلالة على المنزلة .
وأين تستعمل للسؤال عن الأمرين : فنقول : أين تقع مصر من العالم ؟ في سؤال عن المكان . وأين تقع مصر في العالم ؟ في سؤال عن مكانتها وقيمتها ومنزلتها .
وسؤال: أين الله ؟ إما أن يكون عن المكان الذي هو الموضع ، أو عن المكانة التي هي المنزلة .
فإن كان الأول: فالإجابة التي لا يوجد غيرها ، أن الله خارج المكان والموضع؛ لأن الله مطلق والموضع محدود ، فلا يتصور وجود المطلق في المحدود ، فلا يقال الفيل في الجحر مثلا؛ لأن الفيل كبير والجحر صغير ، وكذلك الله جل شأنه هو أكبر من المكان ، ولذلك نقول في صلواتنا وفي آذاننا وفي أذكارنا: الله أكبر ، أي من كل شيء سواه بما فيه السماء والأرض وما فيهن .
وكذلك لأن الله قديم والمكان حادث ، فلا يتصور وجود القديم في الحادث؛ لأن السؤال سيبقى: وأين كان قبل الحدوث ؟ وهذا بخلاف الإنسان ، فالإنسان حادث ويجوز أن يكون في الحادث مثله ، فيكون في الصحراء وهي حادثة، ويكون في البيت وهو حادث، ويكون في البحر وهو حادث، ويكون في البر وهو حادث .
ومن يقولون: إن الله في السماء، كما يزعمون لا يجيبون عن السؤالين السابقين، أين كان قبل خلق السماء وكيف انتقل إليها من موضعه السابق؟
وإذا كان كرسيه ( كناية عن الملك ) قد وسع السماوات والأرض فكيف يكون في جزء منها إلا أن يكون جزءًا خارجًا وبائنا عنه .
وعليه: فالله خارج المكان كما هو خارج الزمان؛ لأنه خالق الزمان والمكان .
وإن كان السؤال عن الثاني وهو المنزلة ، فهذا ما يصرف له ظاهر النصوص ، فنقول : أين الله ؟ أي ما منزلته ؟ فيقال في السماوات أي في أعلى مكان تصل إليه عقولنا .
فالسماوات دلالة على علو مكانة لا علو مكان ، قال الإمام الطحاوي في عقيدته: ( وتعالى – أي الله – عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات).
والقاعدة العظيمة التي استنتجها أئمة الحقيقة: كل ما خطر ببالك فالله على غير ذلك ..
المفتي: د خالد نصر
والسبب في ذلك هو قصور العقل البشري المخلوق عن إدراك المطلق، فالمحدود لا يتصور المطلق ، فالعين محدودة ولا ترى إلا الأمام المتاح ، مع قيام غير الأمام وإمكانية رؤيته ، ولكنه امتنع لمحدودية الآلة.
وكذا العقل مع الذات العلية ، فالذات قائمة ولكن الآلة عاجزة .
ثانيا : في باب الذات العلية هناك نص عام يحدد العلاقة بين المتصور ( بكسر الواو ) وبين المتصور ( بفتح الواو ) وهذا النص يحل كل إشكال ، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فهذه القاعدة تجعل من الذات الإلهية ماهية مختلفة تماما عما نعرفه نحن ، فالله لا يشبهنا في الصورة، ولا يمكن أن نشبهه في الصورة ، لا ذاتا ولا صفات؛ لأن ذاتنا قائمة على المحدودية والتبعية للمتشيئ ، وصفاتنا قائمة على النقصان ، والله جل عن كل ذلك فليس كمثله شيء.
ثالثا : جواب سؤال: أين الله؟ فرع عن معرفة كلمة ( أين ) ، وهي لها عدة استعمالات في اللغة:
١- ظرف مكان يأتي للاستفهام مبني على الفتح، وتدخل عليه (مِنْ)، و (إلى) من حروف الجرّ :-أين كنت أمس؟ – إلى أين تذهب؟ – من أين حضرت؟ ومنه قوله تعالى: { يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ } [القيامة: 10]
2 – ظرف مكان لبيان بُعد المكان أو المكانة :-أين الثرى من الثريَّا! – أين هو منك! .
3 – ظرف مكان للشَّرط يجزم فعلين وتُزاد بعده (ما) فلا تكفّه عن العمل :-أينما يكثر ماء الأنهار تكثر زراعة الفاكهة، ومنه قوله تعالى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] .
فالرابط بين هذه الاستعمالات هو السؤال عن المكان.
والمكان: هو الموضع وهو المنزلة ، فهو في الأول حقيقة وفي الثاني مجاز.
نقول: مكان الاجتماع، للإشارة للموضع، ونقول: مكاني من قلبك أو في قلبك، للدلالة على المنزلة .
وأين تستعمل للسؤال عن الأمرين : فنقول : أين تقع مصر من العالم ؟ في سؤال عن المكان . وأين تقع مصر في العالم ؟ في سؤال عن مكانتها وقيمتها ومنزلتها .
وسؤال: أين الله ؟ إما أن يكون عن المكان الذي هو الموضع ، أو عن المكانة التي هي المنزلة .
فإن كان الأول: فالإجابة التي لا يوجد غيرها ، أن الله خارج المكان والموضع؛ لأن الله مطلق والموضع محدود ، فلا يتصور وجود المطلق في المحدود ، فلا يقال الفيل في الجحر مثلا؛ لأن الفيل كبير والجحر صغير ، وكذلك الله جل شأنه هو أكبر من المكان ، ولذلك نقول في صلواتنا وفي آذاننا وفي أذكارنا: الله أكبر ، أي من كل شيء سواه بما فيه السماء والأرض وما فيهن .
وكذلك لأن الله قديم والمكان حادث ، فلا يتصور وجود القديم في الحادث؛ لأن السؤال سيبقى: وأين كان قبل الحدوث ؟ وهذا بخلاف الإنسان ، فالإنسان حادث ويجوز أن يكون في الحادث مثله ، فيكون في الصحراء وهي حادثة، ويكون في البيت وهو حادث، ويكون في البحر وهو حادث، ويكون في البر وهو حادث .
ومن يقولون: إن الله في السماء، كما يزعمون لا يجيبون عن السؤالين السابقين، أين كان قبل خلق السماء وكيف انتقل إليها من موضعه السابق؟
وإذا كان كرسيه ( كناية عن الملك ) قد وسع السماوات والأرض فكيف يكون في جزء منها إلا أن يكون جزءًا خارجًا وبائنا عنه .
وعليه: فالله خارج المكان كما هو خارج الزمان؛ لأنه خالق الزمان والمكان .
وإن كان السؤال عن الثاني وهو المنزلة ، فهذا ما يصرف له ظاهر النصوص ، فنقول : أين الله ؟ أي ما منزلته ؟ فيقال في السماوات أي في أعلى مكان تصل إليه عقولنا .
فالسماوات دلالة على علو مكانة لا علو مكان ، قال الإمام الطحاوي في عقيدته: ( وتعالى – أي الله – عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات).
والقاعدة العظيمة التي استنتجها أئمة الحقيقة: كل ما خطر ببالك فالله على غير ذلك ..
المفتي: د خالد نصر