أولا: أما ما نقله الأخ ولم يشر عمن نقل عنه فإنما هو مما ذكره الإمام ابن تيمية في كتابه الشهير “التوسل والوسيلة” وهو كتاب مطبوع عدة مرات.
ثانيا: رأي ابن تيمية في هذه المسألة معروف، ولا يعبر عن رأي جمهور الأئمة، ليس هذا فقط بل إنه خالف فيه رأي أهل مذهبه كالإمام أحمد وابن مفلح وأبي يعلى وغيرهم، وهو من آراء ابن تيمية التي تتوافق مع منهجه المتشدد في هذا الباب، ومع ذلك فرأيه يحترم وإن كنّا لا نختاره.
ثالثا: الحق أني أعجب من هؤلاء الذين يتعاملون مع نصوص القرآن والسنة الصحيحة وكأنهم من العجم؛ فاللفظ يقول (الوسيلة) وهم يقولون (الدعاء)، واللفظ يقول (أتوجه إليك بنبيك) وهم يقولون (المقصود الشفاعة).
الأصل أيها الإخوة إعمال الألفاظ على ظاهرها إلا إذا أتى سبب يسوغ التأويل؛ فالأعمى توجه بالدعاء إلى الله متوسلا بالنبي، وهذا يقول: بل توجه بدعاء النبي. وهذا لعمري استخفاف بالعقول وتجاوز للنص. وفي قصة العباس توسل بالعباس بقرابته من النبي وهذا يقول: لأنه من أهل الدعاء. ما هذا؟! إذا كان من أهل الدعاء فلماذا لم يدع عمر نفسه وهو أفضل من العباس وهو إمام المسلمين؟ ما علة تقديم العباس؟
رابعا: سأذكر حديثا يقيم الحجة على كل من له عقل وقلب وابتعد عن تقليد المخلوق، روى مسلم والنسائي عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: «كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: سَلْ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَوَغَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». والسؤال هنا: هل يملك الرسول الجنة حتى يعطيها أو يمنعها؟ وإذا كان السؤال خطأ وتجاوزا من السائل فلماذا لم يصوبه النبي صلى الله عليه وسلم ويقل له: الجنة لا تطلب إلا من الله. فكيف أقره النبي على السؤال إن لم يجز؟!
ولعل واحدا ممن نعرف يقول: قصد الشفاعة له لدخول الجنة. وأقول: هذا تأويل للنص الواضح، ومع ذلك أقول لهم: أنتم تقيمون الدنيا ولا تقعدونها إذا أولنا الصفات تنزيها لله؛ فإذا قلنا: إن اليد بمعنى القدرة، والرِّجْل بمعنى البطش والقهر، والحب بمعنى الرحمة، والغضب بمعنى العذاب. قاموا وقالوا: لا يجوز هذا وإنما نمرر الألفاظ كما وردت. وأنا ألزمهم بمذهبهم فليمرروا الألفاظ كما وردت في أحاديث التوسل بالنبي.
خامسًا: الحق أن أهل هذا المذهب لديهم وسوسة من مسألة الشرك ونقض التوحيد الخالص جعلتهم يتجاوزن في أمور منها مكانة النبي وفضله وبركته على هذه الأمة، وهذا الأمر خرج عن حده وانقلب إلى معاملة النبي كباقي المخلوقين، وهذا لعمري أشد من التجاوز الذي يقوم به غلاة الصوفية إذ الأخير مبعثه المحبة وحسن الظن، أما الأول فمبعثه شعور مقيت بالاستعلاء وشعور بالولاية حتى على الشريعة وكأن الواحد منهم أكثر دينا من ناقل الشريعة صلى الله عليه وسلم.
سادسا: قلت: إن المسألة فيها خلاف، والقاعدة تقول: إنما ينكر في الأمر المتفق عليه لا المختلف فيه، فهل يزعم أحد أن المسألة متفق عليها في الحظر والمنع، وإن كان الحال كذلك ما نفعل في جملة أهل المذاهب الذين نقلت عنهم؟! لم يبق إلا أن نتهمهم بالضلال!! حاشا لله، فإذا كان الأمر على الخلاف اتسع وصار كل واحد إلى ما يُؤْمِن به.
المفتي: د خالد نصر
ثانيا: رأي ابن تيمية في هذه المسألة معروف، ولا يعبر عن رأي جمهور الأئمة، ليس هذا فقط بل إنه خالف فيه رأي أهل مذهبه كالإمام أحمد وابن مفلح وأبي يعلى وغيرهم، وهو من آراء ابن تيمية التي تتوافق مع منهجه المتشدد في هذا الباب، ومع ذلك فرأيه يحترم وإن كنّا لا نختاره.
ثالثا: الحق أني أعجب من هؤلاء الذين يتعاملون مع نصوص القرآن والسنة الصحيحة وكأنهم من العجم؛ فاللفظ يقول (الوسيلة) وهم يقولون (الدعاء)، واللفظ يقول (أتوجه إليك بنبيك) وهم يقولون (المقصود الشفاعة).
الأصل أيها الإخوة إعمال الألفاظ على ظاهرها إلا إذا أتى سبب يسوغ التأويل؛ فالأعمى توجه بالدعاء إلى الله متوسلا بالنبي، وهذا يقول: بل توجه بدعاء النبي. وهذا لعمري استخفاف بالعقول وتجاوز للنص. وفي قصة العباس توسل بالعباس بقرابته من النبي وهذا يقول: لأنه من أهل الدعاء. ما هذا؟! إذا كان من أهل الدعاء فلماذا لم يدع عمر نفسه وهو أفضل من العباس وهو إمام المسلمين؟ ما علة تقديم العباس؟
رابعا: سأذكر حديثا يقيم الحجة على كل من له عقل وقلب وابتعد عن تقليد المخلوق، روى مسلم والنسائي عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: «كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: سَلْ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَوَغَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». والسؤال هنا: هل يملك الرسول الجنة حتى يعطيها أو يمنعها؟ وإذا كان السؤال خطأ وتجاوزا من السائل فلماذا لم يصوبه النبي صلى الله عليه وسلم ويقل له: الجنة لا تطلب إلا من الله. فكيف أقره النبي على السؤال إن لم يجز؟!
ولعل واحدا ممن نعرف يقول: قصد الشفاعة له لدخول الجنة. وأقول: هذا تأويل للنص الواضح، ومع ذلك أقول لهم: أنتم تقيمون الدنيا ولا تقعدونها إذا أولنا الصفات تنزيها لله؛ فإذا قلنا: إن اليد بمعنى القدرة، والرِّجْل بمعنى البطش والقهر، والحب بمعنى الرحمة، والغضب بمعنى العذاب. قاموا وقالوا: لا يجوز هذا وإنما نمرر الألفاظ كما وردت. وأنا ألزمهم بمذهبهم فليمرروا الألفاظ كما وردت في أحاديث التوسل بالنبي.
خامسًا: الحق أن أهل هذا المذهب لديهم وسوسة من مسألة الشرك ونقض التوحيد الخالص جعلتهم يتجاوزن في أمور منها مكانة النبي وفضله وبركته على هذه الأمة، وهذا الأمر خرج عن حده وانقلب إلى معاملة النبي كباقي المخلوقين، وهذا لعمري أشد من التجاوز الذي يقوم به غلاة الصوفية إذ الأخير مبعثه المحبة وحسن الظن، أما الأول فمبعثه شعور مقيت بالاستعلاء وشعور بالولاية حتى على الشريعة وكأن الواحد منهم أكثر دينا من ناقل الشريعة صلى الله عليه وسلم.
سادسا: قلت: إن المسألة فيها خلاف، والقاعدة تقول: إنما ينكر في الأمر المتفق عليه لا المختلف فيه، فهل يزعم أحد أن المسألة متفق عليها في الحظر والمنع، وإن كان الحال كذلك ما نفعل في جملة أهل المذاهب الذين نقلت عنهم؟! لم يبق إلا أن نتهمهم بالضلال!! حاشا لله، فإذا كان الأمر على الخلاف اتسع وصار كل واحد إلى ما يُؤْمِن به.
المفتي: د خالد نصر