أولا: ورد الندب بقراءة القرآن بصورة حسنة تعكس جمال المبنى والمعنى، ومن ذلك:
– قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، والتوكيد بالمفعول المطلق يعطي الفعل (رتل) معنى زائدًا عن مجرد القراءة، كما نقول: اكتب كتابة، أي حسنة، وكل أكلًا، أي جيدًا أو كاملًا، واقرأ قراءة، أي صحيحة .
– قوله تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ [الإسراء: 106]، أي بلا عجل ونثر كباقي الكلام، بل يكون مع القراءة تدبر وتمعن.
– قوله تعالى: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: 1]، قال الزهري، وابن جُرَيج في قوله: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ يعني: حسن الصوت. رواه عن الزهري البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي حاتم في تفسيره، وقرئ في القراءة الشاذة تأكيدًا لهذا المعنى: (يزيد في الحلق) بالحاء.
– قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا﴾ [سبأ: 10]، قيل: حسن الصوت.
قال القرطبي: (وكان داود عليه السلام ذا صوت حسن ووجه حسن. وحسن الصوت هبة من الله تعالى وتفضل منه، وهو المراد بقوله تبارك وتعالى : ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾) .
– قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه]
– وقوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ».
– ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» [متفق عليه].
– ومدحه لقراءة أبي موسى الأشعري بقوله: «لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» [متفق عليه]. والمزمار أداة من أدوات النغم والأداء .
ثانيا: المقامات هو علم أوزان الأصوات التي تؤدى بها الألحان، وهي في باب الغناء والأصوات كالبحور التي وضعها الفراهيدي في فن الشعر، فقد وضعها أهل هذا الفن لضبط طرق الأداء التي يستعملونها، وقد أوصلوا عددها إلى عشرات المقامات الأصلية والفرعية، وقد وضع لها الأقدمون وخاصة زرياب طريقة في الكتابة والتوثيق.
وعلى هذا فعلم المقامات منه العلم النظري التقعيدي، ومنه الأدائي الصوتي، والصوتي في غالبه إنما هو تعبير عن أصوات طبيعية كأصوات الرياح وخرير الماء وأصوات الطيور وغيرها.
ثالثا: قراءة القرآن لها أحكام خاصة تؤدى بها، ولا بد فيها من التزام معيار معين في زمن نطق الحروف والمدود والغنن، ومراعاة صفات الأحرف إفرادًا وتركيبا، إلى غير ذلك من الأحكام المقررة في أمهات كتب التجويد والقراءات، واتباع هذه الأحكام مقدم على غيره ولازم لصحة اللفظ والمعنى، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: 18]، وكلمة (قرآنه) هنا تعني طريقة قراءته، ومثله قوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: 78]، أي قراءة الفجر.
وعليه جاء حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، قال: “إنّ في البحر شياطين مسجونةً، أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج، فتقرأ على النّاس قرآنًا” [رواه مسلم] أي قراءة.
فالمقدم في قراءة القرآن هو مراعاة الأحكام.
رابعًا: اختلف السادة العلماء في مسألة القراءة بالألحان (المقامات):
فذهب الجمهور إلى الجواز ما لم تخل بأحكام التجويد، قالوا: هي وسيلة لتحسين الصوت.
قال القرطبي في مقدمة تفسيره: (وممن ذهب إلى هذا أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وابن المبارك والنضر بن شميل، وهو اختيار أبي جعفر الطبري وأبي الحسن بن بطال والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم).
أما الذين ورد عنهم الكراهة فهي محمولة على إذا ما تجاوز أحكام التجويد لصالح النغم، أو محمولة على رفع الصوت كما ورد عن بعضهم.
والصواب ما ذهب له السادة الأحناف وغيرهم؛ إذ يصعب القراءة بغير موافقة مقام من المقامات إلا أن تكون القراءة نشازا في الأذن.
أما القراءة الصحيحة الرتيبة فلا بد أن توافق مقامًا من المقامات، فلا فرق أن تأتي طبيعة أو تصنعًا، لقول أبي موسى للنبي صلى الله عليه وسلم: “لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرًا” [رواه البيهقى في السنن الكبرى وشعب الإيمان]. أي لتصنعت تحسين الصوت واجتهدت فيه، وهذا يقتضي المغايرة، كما أن المقامات هي انعكاس لأصوات طبيعية خلقها الله كما أشرنا.
وعليه: فيجوز القراءة بالمقامات إذا التزم القارئ بأحكام التجويد المعروفة.
المفتي: د خالد نصر
– قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، والتوكيد بالمفعول المطلق يعطي الفعل (رتل) معنى زائدًا عن مجرد القراءة، كما نقول: اكتب كتابة، أي حسنة، وكل أكلًا، أي جيدًا أو كاملًا، واقرأ قراءة، أي صحيحة .
– قوله تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ [الإسراء: 106]، أي بلا عجل ونثر كباقي الكلام، بل يكون مع القراءة تدبر وتمعن.
– قوله تعالى: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: 1]، قال الزهري، وابن جُرَيج في قوله: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ يعني: حسن الصوت. رواه عن الزهري البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي حاتم في تفسيره، وقرئ في القراءة الشاذة تأكيدًا لهذا المعنى: (يزيد في الحلق) بالحاء.
– قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا﴾ [سبأ: 10]، قيل: حسن الصوت.
قال القرطبي: (وكان داود عليه السلام ذا صوت حسن ووجه حسن. وحسن الصوت هبة من الله تعالى وتفضل منه، وهو المراد بقوله تبارك وتعالى : ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾) .
– قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه]
– وقوله صلى الله عليه وسلم عند البخاري: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ».
– ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» [متفق عليه].
– ومدحه لقراءة أبي موسى الأشعري بقوله: «لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» [متفق عليه]. والمزمار أداة من أدوات النغم والأداء .
ثانيا: المقامات هو علم أوزان الأصوات التي تؤدى بها الألحان، وهي في باب الغناء والأصوات كالبحور التي وضعها الفراهيدي في فن الشعر، فقد وضعها أهل هذا الفن لضبط طرق الأداء التي يستعملونها، وقد أوصلوا عددها إلى عشرات المقامات الأصلية والفرعية، وقد وضع لها الأقدمون وخاصة زرياب طريقة في الكتابة والتوثيق.
وعلى هذا فعلم المقامات منه العلم النظري التقعيدي، ومنه الأدائي الصوتي، والصوتي في غالبه إنما هو تعبير عن أصوات طبيعية كأصوات الرياح وخرير الماء وأصوات الطيور وغيرها.
ثالثا: قراءة القرآن لها أحكام خاصة تؤدى بها، ولا بد فيها من التزام معيار معين في زمن نطق الحروف والمدود والغنن، ومراعاة صفات الأحرف إفرادًا وتركيبا، إلى غير ذلك من الأحكام المقررة في أمهات كتب التجويد والقراءات، واتباع هذه الأحكام مقدم على غيره ولازم لصحة اللفظ والمعنى، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: 18]، وكلمة (قرآنه) هنا تعني طريقة قراءته، ومثله قوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: 78]، أي قراءة الفجر.
وعليه جاء حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، قال: “إنّ في البحر شياطين مسجونةً، أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج، فتقرأ على النّاس قرآنًا” [رواه مسلم] أي قراءة.
فالمقدم في قراءة القرآن هو مراعاة الأحكام.
رابعًا: اختلف السادة العلماء في مسألة القراءة بالألحان (المقامات):
فذهب الجمهور إلى الجواز ما لم تخل بأحكام التجويد، قالوا: هي وسيلة لتحسين الصوت.
قال القرطبي في مقدمة تفسيره: (وممن ذهب إلى هذا أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وابن المبارك والنضر بن شميل، وهو اختيار أبي جعفر الطبري وأبي الحسن بن بطال والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم).
أما الذين ورد عنهم الكراهة فهي محمولة على إذا ما تجاوز أحكام التجويد لصالح النغم، أو محمولة على رفع الصوت كما ورد عن بعضهم.
والصواب ما ذهب له السادة الأحناف وغيرهم؛ إذ يصعب القراءة بغير موافقة مقام من المقامات إلا أن تكون القراءة نشازا في الأذن.
أما القراءة الصحيحة الرتيبة فلا بد أن توافق مقامًا من المقامات، فلا فرق أن تأتي طبيعة أو تصنعًا، لقول أبي موسى للنبي صلى الله عليه وسلم: “لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرًا” [رواه البيهقى في السنن الكبرى وشعب الإيمان]. أي لتصنعت تحسين الصوت واجتهدت فيه، وهذا يقتضي المغايرة، كما أن المقامات هي انعكاس لأصوات طبيعية خلقها الله كما أشرنا.
وعليه: فيجوز القراءة بالمقامات إذا التزم القارئ بأحكام التجويد المعروفة.
المفتي: د خالد نصر